للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن صالح عن عيب في المبيع بشيء معين كدينار أو منفعة سكنى دار صح، فلو زال العيب سريعًا أو لم يكن رجع بما دفعه.

ويصح الصلح عما تعذر علمه (١) من دين أو عين كمعاملة بين اثنين طال زمنها، أو اختلط حبان وطحنا ولم يعلم قيمة كل منهما، فيصح الصلح بمال معلوم، نقدًا أو نسيئة (٢).

ومن قال لغريمه: أقر لي بديني وأعطيك منه كذا، فأقر لزمه الدين كله، ولم يلزمه أن يعطيه.

وإذا أنكر المدعى عليه دعوى المدعي أو سكت، وهو يجهل المدعى به ثم صالحه على شيء صح الصلح وكان بيعًا في حق المدعي، وإبراء في حق المدعى عليه.

ومن علم بكذب نفسه فالصلح باطل في حقه، وما أخذه حرام، ومن قال لآخر: صالحني عن الملك الذي تدعيه، لم يكن مقرأ به (٣). وإن صالح أجنبي عن منكر الدعوى صح الصلح أذن له المنكر أم لا، لكن لا يرجع عليه بدون إذنه، ومن صالح عن نحو دار فبان العوض مستحقًا رجع بالدار إن كان عن إقرار، وبدعواه أو قيمة المصالح به إن كان عن إنكار.

ولا يصح الصلح عن خيار في بيع، أو إجارة ولا عن شفعة، ولا عن حد قذف، وتسقط جميعها (٤).


(١) ذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز الصلح عن المجهول الذي يحتاج إلى تسليم؛ لئلا يفضي إلى المنازعة، كما إذا ادعى حقًا في دار رجل، ويجوز عندهم الصلح عن المجهول إذا كان الحق مما يحتاج إلى تسليم، كالصلح في ترك الدعوى، وذهب المالكية إلى جواز الصلح عن المجهول قطعًا للنزاع كالحنابلة، وذهب الشافعية إلى المنع من الصلح عن المجهول؛ لأن الصلح فرع عن البيع ولا يصح بيع المجهول، وانظر: الهداية (٣/ ٣٦٠)، والمهذب (١/ ٣٣٥)، والفقه الميسر (١/ ١٤٨).
(٢) لأنَّه إسقاط حق، فصح في المجهول للحاجة، ولئلا يفضي إلى ضياع المال. وانظر: حاشية الروض المربع (٥/ ١٤١).
(٣) له بالملك، لاحتمال إرادة صيانة نفسه عن التبذل، وحضور مجلس الحكم بذلك، وانظر: منار السبيل (١/ ٣٨٨).
(٤) لأنها لم تشرع لاستفادة مال، بل الخيار للنظر في الأحظ، والشفعة لإزالة ضرر الشركة، وحد القذف للزجر عن الوقوع في أعراض الناس. وانظر: منار السبيل (١/ ٣٣٨).

<<  <   >  >>