للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يضارب العامل بمال لآخر إن أضر الأول ولم يأذن، فإن ضارب لآخر، مع ضرر الأول بغير إذنه ردت حصته من ربح الثانية في الشركة الأولى.

وإن تلف رأس المال أو بعضه قبل التصرف انفسخت المضاربة، وإن تلف بعد التصرف جبر من الربح، وكذا إن خسر لا يستحق العامل شيئًا إلا بعد كمال رأس المال، وهذا قبل المحاسبة والقسمة، فإذا تحاسبا وعلما ما لهما لم يجبر الخسران بعد ذلك مما قبله (١)، فإن مات عامل أو مودع أو وصي ونحوه وجهل بقاء ما بيدهم فهو دين في التركة (٢)؛ لأن الإخفاء وعدم التعيين كالغصب، ويقبل قول العامل فيما يدعيه من هلاك وخسران ومشترى لنفسه وللمضاربة، والقول قول رب المال في عدم رده إليه (٣).

الثالث: شركة الوجوه: وهي أن يشترك اثنان لا مال لهما في ربح ما يشتريانه من الناس في ذممهما، ولا يشترط لصحتها ذكر ما يشتريانه ولا قدره، فلو قال: أحدهما للآخر: ما اشتريت من شيء فبيننا صح، وكل واحد منهما وكيل عن صاحبه، وكفيل له بالثمن، والملك بينهما لما يشتريانه على ما شرطاه، والربح بينهما كما شرطا من تساو أو تفاضل، والخسارة بتلف أو بيع بنقصان على قدر الملك (٤)، لا على قدر الربح.

الرابع: شركة الأبدان: وهي أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما، وتصح مع اختلاف الصنائع، كخياط مع قصار (٥)، ولكل واحد منهما طلب


(١) تنزيلًا للتنضيض مع المحاسبة منزلة المقاسمة، والمذهب أنه يملك حصته من الربح بالظهور قبل القسمة. وانظر: حاشية الروض المربع (٥/ ٢٦٢).
(٢) لأن الأصل بقاء المال بيد الميت، واختلاطه بجملة التركة، ولا سبيل إلى معرفة عينه فكان دينًا، وصاحبه أسوة الغرماء. وانظر: حاشية الروض المربع (٥/ ٢٦٣).
(٣) بيمينه لأنَّه منكر، والعامل قبض المال لنفع له فيه، والأصل عدم القبض والعامل يدعيه. وانظر: حاشية الروض المربع (٥/ ٢٦٤).
(٤) لأن الوضيعة نقص رأس المال، وهو مختص بملاكه، فيوزع بينهم على قدر الحصص. وانظر: منار السبيل (١/ ٣٦٦).
(٥) القصار: على وزن فعال من قصر، وقَصر الثوب دقه، وبابه نصر، انظر: مادة قصر في مختار الصحاح (٥٦٠).

<<  <   >  >>