للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمله الذي عمله في حال إسلامه قبل ردته، من صلاة وحج وغيرهما، وإن أصر قتل بالسيف، ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه، فإن قتله غيرهما بلا إذن أساء وعزر ولا ضمان، ولو قبل استتابته؛ لأنه مهدر الدم.

ومن أطلق الشارع كفره، كدعواه لغير أبيه، ومن أتى عرافًا فصدقه فهو تحذير، فلا يخرج به عن الإسلام (١)، فإن التحق المرتد بدار حرب، فلكل أحد قتله وأخذ ما معه.

ولا تقبل في -أحكام- الدنيا توبة من سب الله، أو سب رسوله سبًا صريحًا أو تنقصه، أو سب ملكًا أو قذف أم نبي من الأنبياء، ويقتل حتى ولو كان كافرًا فأسلم؛ لأن قتله حد.

ولا توبة من تكررت ردته، ولا توبة زنديق، وهو المنافق: الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر، بل يقتل بكل حال، ولو مات المرتد المميز، أو السكران في حال سكره، أو قبل بلوغه واستتابته مات كافرًا، ولا تقبل توبة الحلولية (٢)، ولا المباحية (٣)، ولا من يفضل متبوعه على النبي ، أو


= والحنابلة، إلى وجوب الاستتابة قبل إقامة الحد. وانظر: الهداية (٢/ ١٦٤)، والثمر الداني (٤٤٧)، والإقناع (٢/ ٤٠٢)، والفقه الميسر (٢/ ١٩٩).
(١) لعل -والله أعلم-، أن في المسألة تفصيلًا: فإن كان الذاهب للعراف لمجرد التعرف والاستقصاء والسؤال من دون اعتقاد صدقه، أو مع اعتقاد كذبه، أنه ينطبق عليه حديث النبي : "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا"، لكن إن كان القصد من السؤال التصديق والاستعلام عن المغيبات، فهذا لا شك في أنه ينطبق عليه حديث النبي : "من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد". يعني: الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ لأنه ادعى شريكًا لله في معرفة الغيب. والله تعالى أعلم.
(٢) الحلولية: الذين يزعمون أن معبودهم في كل مكان بذاته، وينزهونه عن استوائه على عرشه، وعلوه على خلقه، ولم يصونوه عن أقبح الأماكن وأقذرها، وهؤلاء هم قدماء الجهمية، الذين تصدى للرد عليهم أئمة الحديث، كأحمد بن حنبل وغيره، انظر: معارج القبول (١/ ٣٧٠)، والشريعة (١/ ٢٩١)، واعتقادات المسلمين والمشركين (٧٤).
(٣) المباحية: نسبة إلى استباحة المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة، وهم قوم يحفظون طامات لا أصل لها، وتلبيسات في الحقيقة، وهم يدعون محبة الله تعالى، وليس لهم نصيب من شيء من الحقائق، بل يخالفون الشريعة، ويقولون: =

<<  <   >  >>