للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبوضع الدستور، وتتركوا هذا السيل الجارف بتقوى بمرور الساعات فينهال عليكم بياتا وأنتم نائمون، أو ضحى وأنتم تلعبون.

هذا ما تريد (الموند) أن تنبه إليه الفرنسيين، وأن تسرع إلى إلقائه في روعهم حاثة على تدارك الأمر الخطير قبل الفوات، ولكنني على شبه يقين من أن (الموند) فاتها القطار، فسيخيب المغاربة ظنها، ويضعون نصب أعينهم مغزى هذه النصيحة الغالية التي يستمد المستعمرون منها بقاءهم أسيادا، نصيحة "فرق تسد" التي لم يبق لهم سواها من مجد السلف، وتراث يعضون عليه بالنواجذ، إذا لم يكن للمغاربة من دافع للتكتل والاتحاد سوى هذا الحرص الشديد، وذلك الاهتمام البالغ من حضرات السادة المستعمرين على تفريق شملهم، وتوهين قواهم، وتفريقهم على الأقاليم، ثم تفريقهم على الهيئات، ثم تفريقهم على المعسكرات في داخل الهيئات - يفعلون ذلك لأنه هو السلاح الوحيد الذي يمكنهم من حفظ سيادتهم مع تمكينهم من رقاب عبيدهم، إذا لم يكن للمغاربة سوى ذلك، لكفي إيغارا لصدورهم، أو استفزازا لنخوتهم أو باعثا لهم على التضحية بالأنانية مرتخص بل بكل مرتحض وغال في سبيل إتحادهم، وسيفعل المغاربة ذلك في أوسع صورة إن شاء الله، لأنه هو الطبيعي، ولأنه هو السلاح الوحيد للإبقاء على وجودهم فضلا عن حريتهم وعزهم. فخير إذن لجريدة (الموند) أن ينصح لأهلها بغير هذا من الحفول الطبيعية التي لا تخرج عن السماح للمغاربة بممارسة حريتهم واستقلالهم، وأتخرص بعد ذلك على مصالح فرنسا في صداقة أهلها عن إخلاص ما تشاء.

الأمر الرابع الذي يعنينا من عبارات الموند قولها: (إن الفضيل الورتلاني السكرتير العام ليس عربيا، بل هو من أبناء القبائل التي تعارض سيطرة العنصر العربي بكل قواها، وقد عهد إليه بهذا المنصب لإظهار تضامن إفريقيا الشمالية بمظهر أتم لمقاومة الاستعمار).

<<  <   >  >>