للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقيقة أن الفرنسي الكيس وخاصة المستعمر منهم، إذا أردت أن تخرجه عن كياسته، بل من عقله وصوابه أحيانا، استدرجه إلى الحديث عن مصالحه، وفي مقدمتها على مذهبه. وينسى عقول الناس وما لها من حق في وزن الأمور، ثم قبولها أو رفضها. ففي هذه العبارة الأخيرة (الموند) شواهد ناطقة على هذه العقلية التي نعرفها نحن من قديم.

أولا يقولون أن الفضيل الورتلاني ليس عربيا، وهذا الفضيل يعلمون علم اليقين أنه سليل محمد بن عبد الله سيد العرب أجمعين لأن عائلة الورتلاني مشهورة في أقطار المغرب جميعا بأنها مرجع في تصحيح أنساب الأشراف فضلا عن تمتعها بهذا النسب الكريم ولها من الفرنسيين أنفسهم امتيازات، بسبب هذا الاعتبار ويعلم الفرنسيون والناس جميعا أن تقاليد هذه الأسرة تغالي في المحافظة على نسبها حتى (الموند) أن تزعم أن الفضل الورتلاني ليس حتى عربيا فضلا عن كونه شريفا إنما تتساءل: هل تفعل الموند ذلك لوجه الله ولتصحيح الأنساب فقط! معاذ الله أن يكون غرضها بسيطا إلى هذا الحد إنما تريد أن توهم العالم أن في هذه البلاد عنصرين متنافرين: أحدهما عربي قاهر والآخر اسمه القبائل مقهور، وتريد أن تفهم الناس أن المقصود (بالقبائل) هم البربر. وأن العداوة والبغضاء قائمان على قدم وساق بينهما من قديم الزمان لشعوب البربر، بأن العرب قوم طارئون مغتصبون مسيطرون ويجب مقاومتهم ثم طردهم من البلاد، ويفهم ذلك صراحة من قولها "أن الفضيل الورتلاني السكرتير العام ليس عربيا بل هو من أبناء القبائل التي تعارض سيطرة العنصر العربي بكل قواها" لا يشك من يقرأ هذه العبارات ويصدقها أن المغرب عنصرا مسيطرا عليه وهم العرب، وعنصرا مسيطر وهم القبائل أو البربر. وأن هذا الأخير في حرب سجال مع الأول لا يخبو لها أوار، ويعلم الله ويعلم الفرنسيون وتعلم جريدة (الموند) المفترية لسان حال المستعمرين المضللين أن كل ذلك بهتان مبين لا وجود له حتى في مخيلة المستعمرين. أما الحقيقة التي ظلت وستظل قائمة إن شاء الله إلى يوم الدين فهي أن ٣٠ مليونا من سكان المغرب اليوم كلهم مسلمون على

<<  <   >  >>