للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَقَالَةُ الثَّامِنَة من كِتَابِ الفِهْرِسْت في أَخْبَارِ العُلَمَاء وأَسْمَاء مَا صَنَّفُوه من الكُتُبِ

وهي ثَلاثَةُ فُنُونٍ

الفَنُّ الأوَّل في أخبَارُ المُسَامِرِين والمُخَرِّفِين وأسْمَاءِ الكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي الأَسْمَارِ والخُرَافَات

قال محمَّد بن إِسْحَاق: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الخُرَافَات وجَعَلَ لها كُتُبًا وأَوْدَعَها الخَزَائِن وجَعَلَ بَعْضَ ذلك على أَلْسِنَةِ الحَيَوَانِ، الفُرْسُ الأَوَل. ثم أَغْرَقَ في ذلك مُلُوكُ الأَشْغَانِيَّة (١)، وهم الطَّبَقَةُ الثَّالِثَة من مُلُوك الفُرْس. ثم زَادَ ذلك واتَّسَعَ في أَيَّام مُلُوكِ السَّاسَّانِيَّة، ونَقَلَتْهُ العَرَبُ إلى اللُّغَةِ العَرَبيَّة، وتَنَاوَلَهُ الفُصَحَاءُ والبُلَغَاءُ فَهَذَّبُوهُ ونَمَّقُوهُ وصَنَّفُوا في مَعْنَاه ما يُشْبِهُه.

فأَوَّلُ كِتَابٍ عُمِلَ في هذا المَعْنَى: "كِتَابُ هَزَار أَفْسَان"، ومَعْنَاهُ أَلْفُ خُرَافَةٍ. وكان السَّبَبُ في ذلك أَنَّ مَلِكًا من مُلُوكِهِم كان إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وبَاتَ مَعَها لَيْلَةً، قَتَلَها من الغَدِ. فتَزَوَّجَ بجَارِيَةٍ من أوْلادِ المُلُوكِ ممَّن لها عَقْلٌ ودِرَايَةٌ، يُقَالُ لها


(١) المُلُوكُ الأشْغَانِيَّة (الأشْكانِيَّة). الذين ملكوا العِرَاق وبلاد مَاةْ، وهي الجِبَال، من ملوك الطَّوَائِف الذين خَلَفُوا الإسْكَنْدَر وملكوا فارس إلى قيام أرْدَشِير بن بَابَك بتأسيس الدَّوْلَة السَّاسانية (٢٢٦ - ٦٥٢ م)، وأوَّل ملوكهم أشْك بن أشْكان (البيروني: الآثار الباقية عن القرون الخالية ١١٢ - ١١٩).