للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّه إلَهٌ، وأحْدَثَ في مَذَاهِب الخُرَّمِيَّة القَتْلَ والغَصْبَ والحُرُوبَ والمُثْلَةَ. ولم تَكُن الخُرَّمِيَّةُ تَعْرِفُ ذلك.

السَّبَبُ في بَدْءِ أَمْرِه وخُرُوجِه وحُرُوبِه ومَقْتَلِه

قال وَاقِدُ بن عَمْرو التَّمِيمِيّ (١) وعَمِلَ "أَخْبَار بَابَك". قال: وكان أبُوهُ رَجُلًا من أهْل المَدَائِن دَهَّانًا، نَزَعَ إِلى ثَغْرِ أَذَرْبَيْجَان فَسَكَنَ قَرْيَةً تُدْعَى بِلال أَبَاذ مِن رُسْتَاقِ مِيمَذ (٢). وكان يَحْمِل دُهْنَه في وِعَاءٍ على ظَهْرِه، ويَطُوفُ فِي قُرَى الرُّسْتَاق، فهَوَى امْرَأَةً عَوْرَاء وهي أمّ بَابَك، وكان يَفْجُرُ بها بُرْهَةً من دَهْرِه. فبَيْنا هي وهو مُنْتَبِذان عن القَرْيَة مُتَوَحِّدَان في غَيْضَةٍ ومَعَهُم شَرَابٌ يَعْتَكِفان عليه، إِذْ خَرَجَ من القَرْيَة نِسْوَةٌ يَسْقين الماءَ من عَيْنٍ في الغَيْضَة. فَسَمِعْن صَوْتًا نَبَطيًا يُتَرنَّم به، فقَصَدْنَ إليه فهَجَمْن عليهما، فهَرَبَ عبدُ الله، وأخَذْن بِشَعْرِ أمّ بَابَك وجِئْنَ بها إلى القَرْيَة وفَضَحْنَهَا فيها. قال وَاقِدٌ: ثم إنَّ ذلك الدَّهَّانَ رَغِبَ إلى أبيها فزَوَّجَهُ منها فأَوْلَدَها بَابَكًا. ثم خَرَجَ في بَعْض سَفَراتِه إلى جَبَلِ سَبْلان، واعْتَرَضَه مَنْ اسْتَقْفَاهُ وجَرَحَهُ فقَتَلَهُ، فماتَ بَعْدَ مُدَيْدَةٍ. وأَقْبَلَتَ أَمُّ بَابَك تُرْضِعُ للنَّاس بأجْرَةٍ، إلى أنْ صَارَ لبَابَك عَشْرُ سِنِين، فيُقَالُ إِنَّهَا خَرَجَت في يوم من الأيَّام


= الدِّينية الفارسية في القرون الإسلامية الأولى وأسْبابها، يقول: "اعْلَم أن السَّبَب في خُرُوج أكثر الطَّوَائف عن ديانة الإسلام أن الفُرْسَ كانت من سَعَة المَلِك وعُلُوّ اليد على جميع الأمم وجلالة الخَطَر في أنفسها، بحيث إنَّهم كانوا يُسَمُون أنفسهم الأحْرار والأبْنَاء وكانوا يُعِدُّون سائرَ النَّاس عبيدًا لهم، فلمَّا امتحنوا بزوال الدَّوْلَة عنهم على أيدي العَرَب - وكانت العَرَبُ عند الفُرْس أقَلّ الأمَم خَطَرًا - تَعَاظمهم الأمْرُ وتَضَاعَفَت لديهم المُصيبة - ورَامُوا كَيْدَ الإسلام بالمحَارَبَة في أوقاتٍ شَتّى". (المواعظ والاعتبار ٤٤٨:٤ - ٤٤٩).
(١) لم يُفْرِد النَّديمُ مَدْخلًا لهذا المؤلِّف في مقالة الأخباريين والكُتَّاب، رَغْم أنَّه وَقَف على كتابه في "أَخْبَار بابَك" ونَقَلَ عنه. (المواعظ والاعتبار ٤٤٨:٤ - ٤٤٩).
(٢) مِيمَذ. مَدِينَةٌ بأَذربيجان (ياقوت: معجم البلدان ٥: ٢٤٤).