للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصَادِرُ الكِتَاب

تَنْقَسِمُ المَصَادِرُ التي اعْتَمَدَ عليها النَّدِيمُ في بِنَاءِ كِتابِه إِلى مَصَادِر أَدَبِيَّة، ومَعْلُومَات اسْتَمَدَّها من خُطُوطِ العُلَمَاء، وما رَآهُ بنفسه من الكُتُبِ والمُجَلَّدَات، وما أَخْبَرَهُ به أقْرَانُه ومُعَاصِرُوه الثِّقَات (١).

ويَلْحَظُ المُسْتَخْدِمُون لكِتَابِ "الفِهْرِسْت" أَنَّ هُنَاكَ مَصَادِرَ أَفَادَ منها النَّدِيمُ على امْتِدَادِ كِتَابِه وأَخْرَى أَفَادَ منها في فَنٍّ مُعَيَّن. ومن أهَمِّ مَصَادِر النَّوْعِ الأَوَّل ما نَقَلَهُ النَّدِيمُ من خَطٍّ أبي الحَسَن علي بن محمَّد بن عُبَيْد بن الزُّبَيْر الأَسَدِيّ الكُوفيِّ المَشْهور بابن الكُوفيِّ (٢٥٤ - ٣٤٨ هـ/ ٨٦٨ - ٩٦٠ م)، قال عنه النَّدِيمُ: "عَالِمٌ صَحِيحُ الخَطِّ رَاوِيَةٌ جَمَّاعَةٌ للكُتُبِ صَادِقٌ في الحِكَايَة مُنَقِّرٍّ بَحَّاث" [٢٤١:١ - ٢٤٢]، وقال عنه ياقُوتٌ الحَمَوِيّ: "صَاحِبُ الخَطَّ المعروفِ بالصِّحَّة المَشْهُورِ بِإتْقَانِ الضَّبْطِ وحُسْنِ الشَّكل، فإذا قيل: نَقَلْتُ من خَطِّ ابن الكُوفيّ، فقد بَالَغَ في الاحْتِيَاط، وكان من أجَلِّ أَصْحَابِ ثَعْلَب". ورَأى ياقُوتٌ من مُؤَلَّفَاتِه "كِتَاب الهَمْز" بخَطِّه (٢)، وأضَافَ أنَّه رَأى كذلك بخَطِّه عِدَّة كُتُب فلم يَرَ أَحْسَنَ ضَبْطًا وإتْقَانًا للكتابَة منه، فإِنَّه يجْعَلُ الإِعْرَابَ على الحَرْفِ بمِقْدَار الحَرْفِ احْتِيَاطًا، ويَكْتُبُ على الكلمة المَشْكُوكِ فيها عِدَّةَ مِرَارٍ: صَحّ صَحّ صَحّ. وكان من جَمَّاعِي الكُتُب وأَرْبَابِ الهَوَى فيها" (٣)، وكان يَسْكُنُ بطَاقِ الحَرَّاني بالجَانِب


(١) راجع كذلك دِرَاسَة عبد الرحمن بن حمد العكرش: "اسْتِشْهَادَات النَّديم المرجعية ومَصَادره في الفهرست - دراسة ببليومترية وتحليل محتوى"، مجلة جامعة المَلِك سعود، ١٤، الآداب - ٢، (٢٠٠٢)، ٢٧١ - ٣٤٩. وهي دِرَاسَةٌ تَتَبَّع فيها المُؤلِّفُ اسْتِشْهَادَات النَّديم المَرْجِعية ومَدَى اسْتيفائها لعَنَاصِر الإشَارَة المرجعية وتوزيعها التَّاريخي باسْتِخْدَام المنهج القِيَاسِي (الببليومتري) ومنهج تحليل المحتوى.
(٢) ياقوت الحموي: معجم الأدباء ١٥٣:١٤.
(٣) نفسه ١٤: ١٥٣ - ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>