كما يَتَّضِحُ من نَصِّ الدُّسْتُور الذي كَتَبَهُ بخَطِّه، فإنَّ الكثيرَ من البَيَانَات والمَعْلُومَات لم تكن مُتَوَافِرَة له وكان يُرِيدُ اسْتِكمالَها فَبَيَّضَ لها في دُسْتُورِه على أَنْ يَسْتَدْركها في وَقْتٍ لاحق، كما أنَّه كان حَرِيصًا على إتْمَام إنْجَازِ الكتاب في الشُّهُور المُتَبَقِّيَة من عَام ٣٧٧ هـ / ٩٨٨ م. ورَغْم نَقْصِ هذه المَعْلُومات، إِلَّا أَنَّني أكادُ أَجْزِمُ أَنَّ النَّدِيمَ كَتَبَ فَقَط بخَطِّه من كتاب "الفِهْرِسْت" النُّسْخَة الدُّسْتُور وتَرَكَ بها الفَرَاغَات التي لم يَتَحَقَّق منها ليُعَاوِدَ اسْتِدْراكها فيما بَعْدُ. وأَظُنُّ أَنَّ الإضَافَات التي تُطَالِعُنَا في نِهَايَة المَقَالَة الأولى [٩٩:١ - ١٠٠] ونِهَايَةِ المَقَالَة الثَّانِية [٢٧٠:١ - ٢٧٣] بَعْدَ أنْ ذَكَرَ قَبْلَها أنَّ هذا آخِرُ ما صَنَّفَهُ في كُلِّ من المَقَالَتَين، كانت في شَكْلِ طَيَّارَاتٍ مُضَافَةٍ في دُسْتُوره وأضَافَهَا نَاسِحُ نُسْخَةِ الأصْل في نِهَايَة كُلِّ مَقَالَة.
ورَغْم تأخُّرِ وَفَاةِ النَّدِيم بَعْدَ انْتِهَائه من كِتَابَة الدُّسْتُور، في سَنَة ٣٧٧ هـ/ ٩٨٨ م، إلى مُنْتَصَفِ شَعْبَان سَنَة ٣٨٠ هـ/ نوفمبر سَنَة ٩٩٠ م، فإنَّه لم يُعاوِد النَّظَرَ في دُسْتُورِه لاستكمال هذه النَّوَاقِص أو لإصْلاحِ وتَعْدِيل بَعْض عِبَارَات الكتَاب التي تَحْتَاجُ إلى اسْتِدْرَاكِ أو التي تَظْهَرُ فيها أَخْطَاءٌ إمْلائِيةٌ ونَحْوِيَّةٌ وأسْلُوبِيَّة. وعلى ذلك فلا يُوجَدُ لكتابِ "الفِهْرِسْت" سِوَى تَحْريرٍ وَاحِدٍ هو النُّسْخَة الدُّسْتُور التي تُمَثِّلُها الآن النُّسْخَةُ المُوَزّعَةُ بين مكتبتي شيستر بيتي بدِبلن وشهيد علي باشا بالسُّليمانية بإستانبول، لأنَّه لو كان حَرَّرَ كِتابه أكثر من مَرَّة لكان على الأقَلّ اسْتَدْرَكَ المَوَاضِع التي بها تَقْدِيمٌ وتَأخِير [٢: ٨١، ١٠٦].