للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَرَهُم بتَنَاوُل اللَّذَّات، والانْعِكاف على بُلُوغِ الشَّهَوَات، والأكْل والشُّرْب، والمُوَاسَاة والاخْتِلاط، وتَرْكِ الاسْتِبْدَاد بَعْضُهم على بَعْض. ولهم مُشَارَكَةٌ في الحُرَم والأهْلِ، لا يَمتَنِعُ الوَاحِدُ منهم من حُرْمَة الآخر ولا يَمْنَعه. ومع هذه الحَال، فيَرَوْن أَفْعَالَ الخَيْرِ، وتَرْكَ القَتْلِ وإِدْخَالِ الآلام على النُّفُوس.

ولهم مَذْهَبٌ في الضِّيافات ليس هو لأحَدٍ من الأمَم: إذا أضَافُوا الإِنْسَانَ لم يَمْنَعُوه من شيءٍ يَلْتَمِسُه كائنا ما كان (١). وعلى هذا المَذْهَب، مَزْدَك الأخير: الذي ظَهَرَ في أَيَّامٍ قُبَاد بن فَيْرُوز، وقَتَلَه أَنُوشُرْوَان وقَتَلَ أَصْحَابَه. وخَبَرُه مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ (٢).

وقد اسْتَقْصَى البَلْخِيُّ أَخْبَارَ الخُرَّمِيَّة ومَذَاهِبَهُم وأَفْعَالَهُم فِي شُرْبِهِم وَلَذَّاتِهِم وعِبَادَاتِهم، في كتاب "عُيُون المَسَائِل والجَوَابَات" (٣)، ولا حَاجَة بنا إلى ذِكْرِ ما قد سَبَقَنَا إليه غَيْرُنا.

أخْبَارُ الخَرَّمِيَّة البابَكِيَّة

فأَما الخُرَّمِيَّةُ البابَكِيَّةُ، فإِنَّ صَاحِبَهُم بابَكَ الخُرَّميّ (٤). وكان يَقُولُ لمن اسْتَغْوَاهُ،


(١) M. CHOKR، op.cit.، p. ٤٢.
(٢) المسعودي: مروج الذهب ١: ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٣) انظر عن هذا الكتاب، فيما تقدم ١: ٦١٥.
(٤) ظَهَرت حركة بابك الخرمي في عَهْدَي المأمُون والمُعْتَصِم بين سنتي ٢٠١ هـ / ٨١٦ م و ٢٢٢ هـ / ٨٣٧ م، وهي السَّنة التي قُتِلَ فيها واسْتَخدِم اسم "الخُرَّمِيَّة" للتَّدليل على المَزْدَكِيَّة الحديثة في غَرْب إيران، كما أُطْلِق اسم المُحَمَّرَة على مَزْدَكِيَّة جُرْجَان، راجع أخْبَارَه وأخبار الخُرَّميَّة عند الصفدي: الوافي بالوفيات ٦٢:١٠ - ٦٤؛ عبد العزيز الدوري: العصر العباسي الأول ١٧٩ - ١٨٦ SAT - Les G. H. SADIGHI، mouvements religieux iraniens pp.١٨٧ - ٢٨٠; D. SOURDEL، El ? art. Bâbak ١، p.٨٦٧; W. MADELUNG، EI art. Khurramiyya V، ٦٧ - ٦٥ pp ؛ . ولحسن عبد العزيز: البابكية، بيروت - بغداد ١٩٧٤.
وأوْرَدَ المُؤرِّخُ المصريُّ المقريزيّ، في القرن التاسع الهجري، رأيًا مهمًا حَوْل الحركات =