للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ قَوْمٍ مِن الْمَعْتَزِلَةِ أَبْدَعُوا وَتَفَرَّدُوا

قال محمَّدُ بن إسْحَاق: نَذْكُر هؤلاء في هذا المَوْضِع من الزَّمَان ثم نَعودُ إلى ذِكْرِ المُعْتَزِلَة المُخْلَصِين فتُنَسِّقهم على الوَلاءِ إلى زَمَانِنَا هذا وبالله الثِّقَة.

الأَصَمُّ

قال: كان ثُمَامَةُ يَصِفُ للمأمُونِ أبا بَكْرٍ (١)، فيُطْنِبُ في وَصْفِه. قال ثُمَامَة، فقُلْت له يومًا: "يا أميرَ المُؤْمنين أنت خَليفَةٌ وهو سُوقَةٌ، لو رَأَيْته هِبْتَهُ". قال فلمَّا قَدِمَ العِرَاق، قال: "أين صَاحِبُك الذي كُنْتَ تَصِفُه؟ أَحْضِرْهُ لنَسْتَكْفِه". قال: فقلت: "سَبَقَكَ يا أميرَ المُؤْمنين"، أيْ ماتَ قبل قُدُومِكَ. وكان فَقِيرًا شَدِيدَ الصَّبْرِ على الفَقْرِ، فقال له أصْحَابُه: "كلٌّ قد انْتَفَعُوا بِصَاحِبهم ونَالُوا به القَضَاءَ وغيره من الدُّنْيا، ونحن لا نَنَالُ بك شَيْئًا"، قال، فقال: "بالله ما ظَنَنْتُ أَنَّ صُحْبتكم إِيَّايَ الدُّنْيَا". وكان من المُعْتَزِلَة المَعْدُودِين وفيه مَيْلٌ على أمِيرِ المُؤْمِنين عليٍّ وبذلك كان يُعَابُ، فأَخْرَجَتْه المُعْتَزِلَةُ من جُمْلَة المُخْلَصِين.

وتُوفِّي سَنَة مائتين للهِجْرَة وقيل سَنَة إحْدَى.

وله من الكُتُبِ: كِتَابُ "تَفْسِير القُرْآن". كِتَابُ "خَلْقِ القُرْآن". "كِتَابُ


= والمُوَازَنَة في تَفْضِيل عليّ على أبي بكر" (طبقات المعتزلة ٨٤).
(١) أبو بكر عبد الرحمن بن كَيْسَان الأصَمّ، راجع القاضي عبد الجبار: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ٢٦٧ - ٢٦٨؛ ابن المرتضى: طبقات المعتزلة ٥٦ - ٥٧؛ ابن حجر: لسان الميزان ٣: ٤٢٧؛ الداودي: طبقات المفسرين ٢٦٩:١ (وفيه وله تصانيفٌ كثيرة ذكرها النَّديم في الفهرست)؛ J. VAN ESS، Theologie II، pp. ٣٩٦ - ٤١٨، V، pp. ١٩٣ - ٢١١.