وهو سَهْلُ بن هَارُون بن رَاهَيُون الدَّسْتُمِيسَانِي (١)، انتقل إلى البَصْرَة وكان مُتَحَقِّقًا بخِدْمَةِ المأمون وصَاحِبَ خِزَانَةِ الحِكْمَة له. وكان حَكِيمًا فَصِيحًا شَاعِرًا، فارِسيَّ الأصل شُعُوبِي المَذْهَب شَدِيدَ العَصَبِيَّة على العرب وله في ذلك كُتبٌ كثيرةٌ ورَسَائِل. وكان نِهَايَةٌ في البُخْلِ، عَمِلَ إِلى الحَسَنِ بن سَهْل رِسَالَةً يَمْدَحُ فيها البُخْلَ ويُرغِّبه فيه ويَسْتَميحُه في خِلالِ ذلك، فأجَابَه الحَسَنُ على ظَهْرِ رِسَالَتِه:"وَصَلَت رِسَالَتُكَ ووَقَفْنَا على نَصِيحَتِكَ وقد جَعَلْنَا المكافأة عنها القَبُولَ مِنْك والتَّصْدِيقَ لك، والسَّلام" (a)، ولم يَصِلْه عنها بشيءٍ. وكان أبو عُثْمَان الجاحظ يُفَضِّلُه ويَصِفُ بَرَاعَتَه وفَصَاحَتَه ويَحْكي عنه في كُتُبه (٢).
(a) نَص التوقيع عند ياقوت الحموي: "لقد مَدَحْتَ ما لامَ الله وحَسَّنْتَ مَا قَبَّحَ، ما يَقُومُ صَلاحُ لَفْظِكَ بفَسَادِ مَعْنَاكَ، وقد جَعَلْنَا ثَوَابَ عَمَلِكَ سَمَاع قَوْلِكَ، فما نُعْطِيكَ شيئًا".