للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَحْوَذَت عليهم، وتَكَلَّمَت على أَلْسِنَتِهِم، بَلْ يَقُولُ في مَوَاضِع من كُتُبِه إِنَّهُم شَيَاطِين. فأمَّا عِيسى المَشْهُورِ عِنْدَنَا وعِنْدَ النَّصَارَى فَيَزْعُمُ أَنَّه شَيْطَان.

قَوْلُ الْمَانَوِيَّةِ في المَعَاد

قال مَانِيّ: إِذَا حَضَرَت وَفَاةُ الصِّدِّيق (١)، أرْسَلَ إليه الإِنْسَانُ القَدِيمِ إِلَها نَيِّرًا بصُورَة الحَكِيم الهَادِي، ومَعَهُ ثَلاثَةُ آلِهَة، ومَعُهم الرَّكْوَة واللِّباس والعُصَابَة والتَّاج وإكليل النُّور، وتأتي مَعْهُم البكْر الشَّبِيهَة بنسْمة ذلك الصِّدِّيق. ويَظْهَر له شَيْطانُ الحِرْص والشَّهْوَة والشَّيَاطِين. فإذَا رَآهُم الصِّدِّيق، اسْتَغَاثَ بِالآلِهَة التي على صُوَرَة الحَكِيم، والآلهة الثَّلاثَة، فيَقْرَبُون منه، فإذا رأتهُم الشَّيَاطِينُ وَلَّت هَارِبَةً. وأخَذُوا ذلك الصِّدِّيق وألْبَسُوهُ التَّاجَ والإكليل واللِّبَاسَ، وأعْطَوه الرَّكْوَةَ بِيَدِه، وعَرَجُوا به في عَمُود السَّبْح إلى فَلَكِ القَمَرِ وإِلى الإِنْسَانِ القَدِيم، وإلى النَّهْنَهَة أمر الأحْيَاء إلى ما كان عليه أوَّلًا، في جِنَّانِ النُّور. ثم يَبْقَى ذلك الجَسَدُ مُلْقًى، فَتَجْتَذِبُ منه الشَّمْسُ والقَمَرُ والآلِهَةُ النَّيِّرُون القُوَى التي هيّ: الماءُ والنَّارُ والنَّسِيمُ، فَيَرْتَفِعُ إِلى الشَّمْسِ ويَصِيرُ إِلَيْهَا، ويُقْذَفُ بَاقِي جَسَدِه - الذي هُوَ (a) ظُلْمَة كُلَّه - إلى جَهَنَّمَ.

فأَمَّا الإِنْسَانُ المُحَارِبُ القَابِلُ للدِّين والبِرّ، الحَافِظُ لهما وللصِّدِّيقين، فإذا حَضَرَت وَفَاتُه، حَضَرَ أولَئِك الآلِهَة الذين ذَكَرْتُهُم، وحَضَرَت الشَّيَاطِينُ، واسْتَغَاثَ ومتّ بما كان يَعْمَل من البِرِّ وحِفْظِ الدِّين والصِّدِّيقين، فيُخَلِّصُونَه من الشَّيَاطِين، فلا يَزَالُ في العَالَم شَبَه الإِنْسَان الذي يَرَى فِي مَنَامِهِ الأهْوَال، ويَغُوصُ


(a) الأَصْل: التي هي.