القُطْن. ثم مَاتَ فَخَلَفَهُ ابْنُه. ثم مَاتَ الابْنُ فَخَلَفَهُ رَجُلٌ يُعْرَفُ بغَيَّاث. ثم مَاتَ فخَلَفَه ابنُه ورَجُلٌ يُعْرَفُ بالمَحْرُوم. ثم مَاتَ فَخَلَفَهُ أبو حَاتِم الوَرْسَيانِيّ، وكان ثِنْويًا، ثم صَارَ دَهْرِيًّا، ثم تَذَبْذَب وحَصَلَ على الشَّكِّ.
فأَمَّا اليَمَنُ وفَارِسُ والأَحْسَاءُ، فإِنَّ الدُّعَاةَ صَارُوا إلى هُنَاك من جِهَة عَبْدان خَلِيفَة حَمْدَان قَرْمَط وصِهْره، أو من قِبَلِ دُعَاةٍ كانوا من قَبْلِه. والله أعْلَم.
حِكَايَةٌ أُخْرَى
قد كان قَبْل بني القَدَّاح قَريب مُمَّن يَتَعَصَّبُ للمَجُوس ودَوْلَتِها، وتَجَرَّدَ لرَدِّهَا في أوْقَاتٍ، منها بالمُجَاهَرَة ومنها بالحِيلَة سِرًّا. فأحْدَثُوا لذلك في الإسْلام حَوَادِثَ مُنْكَرَة. وقد قِيلَ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّعْوَة، رَامَ ذلك وعَمِلَ عليه، فاخْتُرِمَ دُون ذلك.
ومُمَّن تَجَرَّدَ وأَظْهَرَ وكَاشَفَ: بَابَك الخُرَّمِيّ، وسَيمُرُّ ذِكْرُه في المَقَالَة التَّاسِعَة (١). وكان ممَّن وَاطَأ عبد الله على أَمْرِه، رَجُلٌ يُعْرَفُ بمحمَّد بن الحُسَيْن ويُلَقَّب بدَنْدَان، من ناحِية الكَرَج، من كُتَّابِ أحمد بن عبد العزيز بن أبي دُلَف، وكان هذا الرَّجُلُ مُتَفَلْسِفًا حَاذِقًا بِعُلُومِ النُّجُومِ شُعُوبِيًّا شَدِيدَ الغَيْظِ من دَوْلَة الإِسْلام. وكان يَدِينُ بإثْبَاتِ النَّفْسِ والعَقْلِ والزَّمَان والمكان والهَيُّولي. ويَرَى أَنَّ للكواكب تَدْبِيرًا ورُوحانية. فَخَبَّرَني عنه الثِّقة، أنَّه كان يَزْعُم أَنَّه وَجَدَ في الحُكْم النُّجُومِيّ انْتِقَالَ دَوْلَةِ الإسلام إلى دَوْلَةِ الفُرْس ودينهم الذي هو المَجُوسِيَّة، في القِرَانِ الثَّامِن لانْتِقَالِ المُثَلَّثَة من بُرْجِ العَقْرَب - الدَّالّ على المِلَّة - إلى بُرْجِ القَوْس الدَّال على دِيَانَة الفُرْس. قال: فكان يَقُولُ: "فَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أكُونَ أَنا سَبَبَ ذلك".