قال مَانِي: وذلك الكَوْنُ النَّيِّر مُجَاوِرٌ للكَوْنِ المُظْلِم لا حَاجِزَ بَيْنَهُما، والنُّورُ يَلْقَى الظُّلْمَة بصَفْحَته، ولا نِهَايَة للنُّورِ من عُلُوّه ولا يَمْنَتِه ولا يَسْرَتِه، ولا نِهَايَةَ للظُّلْمَةِ في السِّفْلِ ولا في اليَمْنَة واليَسْرَة.
قال مَانِي: ومنْ تِلْكَ الأرْضِ المُظْلِمَة كان الشَّيْطَانُ، لا أن يكون أَزْليًّا بِعَيْنِه ولكنَّ جَوَاهِرَه كانت في عَنَاصِرِه أَزَليَّة، فاجْتَمَعَت تِلْكَ الجَوَاهِرُ من عناصِرِه فتَكَوَّنَت شَيْطَانًا، رَأْسُه كَرَأس أسَد وبَدَنُهُ كبَدَن تِنِّين وجَنَاحُهُ كجَنَاحِ طَائِرٍ وذَنَبُهُ كذَنَبِ حُوت وأرْجُلُهُ أَرْبَعٌ كأَرْجُل الدَّوَاب. فلمَّا تَكَوَّنَ هذا الشَّيْطَانُ من الظُّلْمَةِ وتَسَمَّى إبْليس القَديم، ازْدَرَدَ واسْتَرَط وأَفْسَدَ، ومَرَّ يَمْنَةً ويَسْرَةً، ونَزَلَ إلى السِّفْل، في كلِّ ذلك يُفْسِدُ ويُهْلِكُ مَنْ غَالَبَهُ. ثم رَامَ العُلُوَّ فَرَأَى لَمَحَاتِ النُّور