للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمَّدُ بن إِسْحَاق: ظَهَرَ مَاني في السَّنَة الثَّانِيَةِ من مُلْكِ الغَالُوس الرُّومِيّ (١). وظَهَرَ مَرْقِيُون قَبْلَهُ بنَحْو مائة سَنَة في مُلْك طِيطُوس أَنْطُونْيَانُوس (٢)، في السَّنة الأولى من مُلْكِه. وظَهَرَ ابن دَيْصَان بعد مَوْقِيُون بنحو ثَلاثِين سَنَة، وإِنَّما سُمِّيَ ابن دَيْصَان لأنَّه وُلِدَ على نَهْرٍ يُقَالُ له دَيْصَان.

وزَعَمَ مَاني أنَّه الفَارَقْلِيط (٣) المُبَشِّر به عِيسَى، . واسْتَخْرَجَ مَانِي مَذْهَبَهُ من المَجُوسِيَّة والنَّصْرانِيَّة، وكذلك القَلَمُ الذي يَكْتُبُ به كُتُبَ الدِّيَانَات مُسْتَخْرَجُ من السُّرْيَانِيّ والفَارِسِيّ.

وجَوَّلَ مَاني البِلادَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَى شَابُور نحو أَرْبَعِين سَنَةً، ثم إِنَّه دَعَا فَيْرُوزَ - أَخَا شَابُور بن أَرْدَشِير - فأَوْصَلَهُ فَيْرُوزُ إلى أخيه شَابُور. قَالَت المَنَّانِيَّة: فَدَخَلَ إليه وعلى كَتِفَيْه مِثْل السِّرَاجَيْن من نُورٍ، فلمَّا رَآهُ أَعْظَمَهُ وكَبُرَ فِي عَيْنِه، وكان قد عَزَمَ على الفَتْكِ به وقَتْلِه، فلمَّا لَقِيَهُ دَاخَلَتْهُ له هَيْبَةٌ، وسُرَّ به وسَأَلَهُ عَمَّا جَاءَ فيه، فوَعَدَهُ أنَّه يَعودُ إليه، وسَأَلَهُ مَانِي عِدَّة حَوَائِجِ منها: أنْ يُعِزَّ أَصْحَابَهُ في البِلادِ وَسَائِر بِلادِ مَمْلَكَتِه، وأنْ يَنْفُذُوا حَيْث شَاءُوا من البِلادِ. فَأَجَابَه شَابُورُ إِلى جَمِيعِ ما سَأَلَ.

وكان مَانِي دَعَا الهِنْدَ والصِّينَ وأَهْلَ خُرَاسَان، وخَلَّف في كلِّ نَاحِيَةٍ صَاحِبًا له.


= أنَّه وُلِدَ ببَابل في قريةٍ تدعى مِرْدينُو من نهر كُوثَى الأعلى [سَنة ٢١٦ - ٢١٧) للميلاد]، وجَاءَهُ الوَحْيُ وهو ابن ثلاث عشرة سنة في سنة خمس مائة وتسع وثلاثين من سني مُنَجِّمي بابل ولسنتين خَلَتَا من سِني أرْدَشِير ملك الملوك [سنة ٢٢٨ م]. وأضَافَ: واسْمُ ماني عند النَّصَارَى، على ما ذكره يحيى بن النُّعْمَان النَّصرانيّ في كتابه على المَجُوس، قُورْبيقوس بن فَتَّق. (الآثار الباقية ١١٨، ٢٠٨).
(١) الإمبراطور الروماني TREBONIANUS GALLUS (٢٥١ - ٢٥٣ (٢٥١ - ٢٥٣ هـ).
(٢) الإمبراطور الروماني TITUS ANTONINUS (١٣٨ - ١٦١ م).
(٣) PARACLETUS تَعْبِير لاتيني بمعنى الرُّوح القُدُس.