للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَرْبِيّ من بَغْدَاد قَرِيبًا من سُوقِ الوَرَّاقِين القَدِيم (١). وذَكَرَ القِفْطِيُّ أَنَّ أَبَاهُ كان من أهْلِ ذَوِي اليَسَار من أهْلِ الكُوفَة، فلمَّا تُوفِّي وَرِثَ عنه ابنُه - فيما يُقَال - زَائِدًا عن خَمْسين ألْف دِينَار فصَرَفَها كلَّها في طَلَبِ العِلْم وتَحْصِيل الكُتُب اشْتِرَاءً واسْتِنسَاخًا وكتابةً وصَرَفَ من ذلك جُزْءًا صَالِحًا لفُقَرَاءِ طَلَبَةِ العِلْم (٢).

وشاهَدَ القِفْطِيُّ بَعْضَ كُتُبِ خِزَانَتِه في القَرْنِ السَّابع الهجري، ووَصَفَها بأنَّها "في غَايَة الجَوْدَة والإتْقَان، والمَوْجُودُ فيها في زَمَانِهِ إِذَا تُؤمِّل دَلَّ على تَيَقُظٍ وَبَحْثٍ ورَغْبَة. وكان لكَثْرَتها يُعَيِّنُ لكلِّ نَوْعٍ منها مَوْضِعًا مَخْصُوصًا من خِزَانَتِه ويكتُبُه على أوَّلِ الكِتابِ ليجده إذَا طَلَبَه، ويُعيدُهُ إلى مَوْضِعِه المَعْلُوم إِذَا غَنِيَ عنه" (٣).

واعْتَمَدَ النَّدِيمُ على ابن الكُوفيّ في مَقَالاتٍ مُخْتَلِفَة من "الفِهْرِسْت"، لاسِيَّما فيما يَتَعَلَّقُ باللُّغويين الكوفِيّين والمُؤَرِّخين. ولكن من الصَّعْبِ أَنْ نَعْرِفَ إذا كان النَّدِيمُ قد نَقَلَ من كُتُبِه المُؤَلَّفَة والتي ذكرها في ترجمته له، أو اسْتَفَادَ من مُلاحَظَاتِه المختلَفة التي دَوَّنَها على هَوَامِش كُتُبِ مَكْتَبَته الضَّحْمَة التي خَلَّفَها، أو أنَّه اسْتَخْدَمَ كُرَّاسًا أو أكثر دَوَّنَ فيه ابن الكُوفيِّ مُلاحَظات وتَعْلِيقَات حَوْلَ الكُتُبِ، أو أنَّه اسْتَخْدَمَ فِهْرِسًا لمكتبة هذا الهَاوِي.

فالنَّديمُ يَنْقُلُ من خَطِّه "اخْتِلافَ النَّاسِ في أَوَّلِ مَنْ وَضَعَ الخَطَّ العَرَبي" [٩:١]، و "ثَبَت كِتَابِ الصِّفَات للنَّضْرِ بن شُمَيْل" [١٤٥:١]، ورأى بخَطّه قِطْعَةً من "كتاب الأرَضِين والمِيَاه والجِبَال والبِحَار" لسَعْدَان بن المُبَارَك [٢١٣:١ - ٢١٤]، ونَقَل من خَطِّه قائِمَة مُؤلَّفات هِشَام بن محمَّد بن السَّائِب الكلبيّ بتَرْتِيبها [٣٠١:١ - ٣٠٥]، وكذلك قائمة مُؤلَّفَات أبي الحَسَن عليّ بن محمَّد المَدَائِنِيّ [٣١٦:١ - ٣٢٣]، ونَقَل من خَطِّه أيضًا تَرَاجِم مجموعة من العُلَماء وأَسْمَاء كُتُبهم،


(١) الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السَّلام ١٣: ٥٥٥.
(٢) القفطي: إنباه الرواة ٣٠٥:٢ - ٣٠٦.
(٣) نفسه ٣٠٦:٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>