للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إنِّي أغْذُوه بألْبَانِ البَقَر وثِمَارِ الشَّجَر"، وأخَذَهُ ومَضَى. فَأَنْفَذَ الصِّنْدِيدُ الأَرَاكِنَة ليَحْمِلُوا الشَّجَرَ والبَقَرَ ويُبَاعِدُوها من آدَم، فلمَّا رأى آدَمُ ذلك أَخَذَ ذلك المَوْلُود وأدَارَ حَوْلَهُ ثَلاث دَائِرَات، ذَكَرَ على الأولى اسْم مَلَكِ الجنان، وعلى الثَّانِيَة اسْمَ الإِنْسَانِ القَدِيم، وعلى الثَّالِثَةِ اسْمَ رُوحِ الحَيَاة، وتَنَجَّى وضَرَعَ إلى الله - جَلَّ اسْمُهُ - فقال له: "إنْ كُنْتُ أنا اجْتَرَمْتُ إليكم جُرْمًا، فما ذَنْبُ هذا المَوْلُود". ثم إِنَّ وَاحِدًا من الثَّلاثَة عَجَّلَ ومعه إكْلِيلُ البَهَاء أَخَذَه بيَدِه إلى آدَمَ، فلما رآه الصِّنْدِيدُ والأَرَاكِنَة، مَضَوْا لوُجُوهِهِم.

قال: ثم ظَهَرَت لآدَم شَجَرَةٌ يُقالُ لها لُوطِيس. فظَهَرَ منها لَبَنٌ فكان يُغَذِّي الصَّبِيَّ به، وسَمَّاهُ باسْمِها، ثم سَمَّاهُ بعد ذلك شَاثِل. ثم إِنَّ ذلك الصِّنْدِيدَ نَصَبَ العَدَاوَة لآدَم ولأولَئِك المَوْلُودين، فقال لحَوَّاء: "اطْلَعي إلى آدَم فَلَعَلكَ أَنْ تَرُدِّيه إِلَيْنَا"، فانْطَلَقَت فاسْتَغْوت آدَم، فخَالَطَها بالشَّهْوَة، فلمَّا رَآهِ شَاثِل وَعَظَه وعَذَلَه، وقال له: "هَلُمَّ نَنْطَلِق إلى المَشْرِق إلى نُورِ الله وحِكْمَتِه"، فَانْطَلَقَ معه وأَقَامَ ثُمَّ إلى أنْ تُوفِّيَ وصَارَ إلى الجِنَان. ثم إِنَّ شَاثِل، وفِرْياد وبِرْفِرْيَاد (a)، وحَكِيمَة الدَّهْر أمُّهُما دَبَّرُوا بالصَّدِيقُوت بحَقٍّ وَاحِدٍ وسَبِيلِ وَاحِدَةٍ إِلى وَقْتِ وَفَاتِهم، وصَارَت حَوَّاءُ وقَايِن وابْنَة الحِرْص إلى جَهَنَّم (١).


(a) الأصْل: روفريار وبرفريار، والتصويب ممَّا تقدَّم.