للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبَيْت بالمُولْتَان (١). ويُقَالُ إِنَّ هذا البَيْتَ أحَدُ البُيُوت السَّبْعَة، وبه صَنَمٌ من حَديدٍ طُولُه سَبْعَة أَذْرُع في وَسَط القُبَّه تُمْسِكُهُ حِجَارَةُ المِغْنَاطِيس من جَمِيعِ جِهَاتِه بقُوًى مُتَّفِقَة. وقيل إنَّه قد مَالَ إلى نَاحِيةٍ لآفَةٍ دَخَلَت عَلَيْه. وهذا البَيْتُ في لَحْفِ جَبَلٍ، وهو قُبَّةٌ ارْتِفَاعُها مَائة وثمانُون ذِرَاعًا، تَحُجُّه الهِنْدُ من أقَاصي بِلادِهم، بَرًّا وبَحْرًا، والطَّريقُ إليه من بَلْخ مُسْتَقِيم، لأنَّ سَوَادَ المُولْتان مُصَاقِبٌ لسَوَاد بَلْخ، وعلى قُلَّة الجَبَل وفي سَفْحِه بُيُوتٌ للعُبَّاد والزُّهّاد، وثمَّ مَوَاضِع للذَّبَائِحِ والقَرَابِين. وقيل إنَّه ما خَلا قَطّ، ولا سَاعَةً وَاحِدَة، ممن يَحُجّه خَلْقٌ من النَّاسِ.

ولهم صَنَمَان يُقَالُ لأَحَدِهما جُنْبُكْت والآخَر زُنْبُكت، قد اسْتَخْرَجَ صُوَرَتاهُما من طَرَفي وَادِي عَظِيم خَرْطًا من حِجَارَة الجَبَل، يكون ارْتِفَاعُ كلّ وَاحِدٍ منها ثمانين ذِرَاعًا، يُرَى من مَسَافَةٍ بَعِيدَة. قال: والهِنْدُ تَحجّ إليهما، وتَحْمِل مَعَها القَرَابِين والدَّخْن والبَخُورات، فإذا وَقَعَت العَيْنُ عليهما من مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ احْتَاج الرَّجُلُ أنْ يُطْرِقَ إعْظَامًا لهما. فإنْ حَانَت منه الْتِفَاتَةٌ أو سَهْوٌ فَنَظَرَ إِليهما، احْتَاجَ أنْ يَرْجِعَ إلى الموضع الذي لا يَرَاهُما منه، ثم يُطْرِق ويَقْصِد قَصْدَهُما، هذا إِعْظَامًا لهما (٢).


(١) المُولْتَان (المُلْتَان). وهو الاسم الذي أطْلَقَهُ العرب على مدينة البِنْجَاب القديمة، قال الإضطَخْرِيُّ: وتسمَّى فرج بيت الذَّهَب وبها صَنَمٌ تُعَظِّمُه الهِنْد وتَحُجُّ إليه من أقاصي بُلْدَانها وتتَقَرَّب إلى هذا الصَّنَم في كلِّ سَنَة بمالٍ عظيم ليُنْفق على بَيْتِ الصَّنَم. وسُمِّيت المُلْتَان بهذا الصَّنَم … وهذا الصَّنَمُ صُورَةٌ على خِلْقَة الإِنْسَان مُتَرَبع على كُرْسِيّ من جَصّ وآجُرّ … قد مَدَّ ذراعيه على ركبتيه وقد قَبَضَ كُلّ يدٍ له (المسالك والممالك ١٧٢ - ١٧٥؛ وكذلك المسعودي: مروج الذهب ١: ١٩٩؛ الإدريسي: نزهة المشتاق ١٧٥ - ١٧٧؛ وانظر كذلك Y. FRIEDMANN، El art، Multan VII، pp. ٥٤٨ - ٥٠) .
ويبدو أن هذا التمثال هو تمثالُ بُوذَا الضَّخْم، الواقع في أفْغانستان الحالية، والذي دَمَّرَتْه حكومة طَالِبان، التي حكمت أفغانستان بين سنتي ١٩٩٦ - ٢٠٠١، في صيف سنة ٢٠٠١.
(٢) جَعَلَ ياقوت الحموي هذين التمثالين في باميان سمَّاهما: سُرْخُبذ وجَنْكبد.