للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَصِلُ إليه إلَّا العُبَّادُ والزُّهَّادُ من الهِنْد، وإنَّه مَبْنِي بالذَّهَب، يكون طُولُهُ سَبْعَة أَذْرُع وعَرْضُه مِثْل ذَلِكَ وارْتِفَاعُه اثْنَي عَشَر ذِرَاعًا مُرَصَّع بأنْوَاعِ الجَوْهَر، وفيه من البَدَدَة المعمُولة من اليَاقُوت الأحْمَر وغَيْره من الحِجَارَة الثَّمِينَة العَجِيبَة المُرَصَّعَة بالدُّرّ الفَاخِر، الذي الدُّرَّة منه مِثْل بَيْضَة الطَّائِرِ وأَكْبَر. وزَعَمَ أَنَّ الثِّقَة من أَهْل الهِنْد أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا البَيْت يَتَنَكَّبُه المَطَرُ من فَوْقِهِ ويَمْنَته ويَسْرَتِه فلا يُصِيبُه، وكذلك السَّيْلُ يَتَعَرَّجُ عنه سَائِلًا يَمْنَةٌ ويَسْرَةً.

وقال، قال لي بَعْضُ الهِنْد: إنَّ من رآه، وكان مَرِيضًا من أيّ عِلَّةٍ كانت، شَفَاهُ الله، جَلَّ اسْمُهُ. وقال: لمّا بَحَثتُ عن أَمْرِه، اخْتُلِفَ فيه، فَزَعَمَ لي بَعْضُ البَرَاهِمَة أَنَّه مُعَلَّقٌ بين السَّمَاء والأرْض بلا دِعَامَة ولا عَلَّاقَةَ.

وقال لي أبو دُلَف (١): إنَّ للهِنْد بَيْتًا بِقِمَار (٢) حِيطَانُه من الذَّهَبِ وسُقُوفه من أعْوَادِ العُودِ الهِنْدِيّ الذي طُولُ كُلّ عُودٍ خَمْسُون ذِرَاعًا وأكثر، قد رُصِّعَت بَدَدَتُه ومَحَارِيبُه ومُتَوَجِّهات عِبَادَته، بالدُّرِّ الفَاخِر واليَوَاقِيت العِظَام.

قال، وقال لي بَعْضُ من أثِقُ به: إنَّ لهم بمَدِينَة الصَّنْف (٣)، بَيْتًا دُونَ هذا وإِنَّ هذا البَيْتَ قديم، وإِنَّ جَمِيع ما فيه من البَدَدَة، تُكَلِّم العُباد، وتُجيبها عن جَمِيع ما تَسْأَلها عَنْه.

قال أبو دُلَف: والوَقْتُ الذي كُنْتُ فيه يبَلَدِ الهِنْد، كان المَلِكُ المُمَلَّكُ على


(١) إن الوَصْفُ الذي يُقَدِّمه النَّديمُ لبَيْتِ الذَّهَبِ، نَقْلًا عن أبي دُلَف اليَنْبُرُغي، هو أدَقُّ وَصْفِ وَصَلَ إلينا، وقارن مع ما ذكره ابن خرداذبه: المسالك والممالك ٥٦؛ ابن حوقل: صورة الأرض ٣٢١ - ٣٢٢؛ المسعودي: مروج الذهب ١: ١٩٩.
(٢) قِمَار. مَوْضع بالهند يُنْسَبُ إليه العُودُ النِّهايَة في الجَوْدَة (ياقوت الحموي: معجم البلدان ٣٩٦:٤).
(٣) الصَّنف. مَوْضِعٌ في بلاد الهند يُنسب إليه العُودُ الصَّنْفي الذي يُتَبَخَّرُ به. وهو من أَرْدَءِ العُود لا فَوْقَ بينه وبين الخشب إِلَّا فَرْقًا يسيرًا. (نفسه ٤٣١:٣).