للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّبَبُ في إبطائه طُول هذه المُدَّة، فذَكَرَ أمورًا لَقَتْهُ فِي الطَّرِيقِ عَاقَتْهُ، وأَنَّ النَّصَارَى الذين كانوا ببَلَدِ الصِّين، فَنُوا وهَلَكُوا بِأَسْبَابٍ، وأَنَّه لم يَبْقَ فِي جَمِيع البِلادِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وذَكَرَ أنَّه كان لهم ثَمَّ بيعَةٌ خَرِبَت، قال: فلمَّا لَمْ أَرَ مَنْ أقومُ لهم بدينهم عُدْتُ في أقَلِّ من المُدَّة التي مَضَيْتُ فيها.

فمن حِكاياتِه، قال: إِنَّ المَسافات في البحر قد اخْتَلَفَت، وفَسَدَ أَمْرُ البَحْر وقَلَّ أهْلُ الخِبْرَة به، وظَهَرَ فيه آفَاتٌ وخَوْفٌ وجَزَائِرُ قَطَعَت المَسَافات، إِلَّا أَنَّ الذي يَسْلَم على الغَرَرِ يَسْلك.

وحَكَى أَنَّ اسْمَ مَدِينَة المَلِك، طَاجُوَيْه، وفيها المَلِك وكانت المَمْلَكَةُ إلى اثْنَيْن، فَهَلَكَ أَحَدُهُما وبَقِيَ الآخَرُ. قال: وكان الفَاخِرُ ممَّا تَدْخُل به خَدَم المُلُوك إلى حَضْرَتها، البُشَان، وهو القطع التي عليها الصُّوَرُ خِلْقَةٌ في القَرْن. وتَبْلُغ الأوقِيَّةُ (a) (منه خَمْسَة أَمْنَانَ) (b) ذَهَبًا، فَأَطْرَحَهُ هذا المَلِك الباقي، وَرَسم لهم الدُّخُول إليه في مَنَاطِقَ الذَّهَب وما أَشْبَهَهُ، فسَقَطَ ذلك حتى صَارَت الأوقِيَّة (منه بأوقِيَّة (a) ذَهَب وأقلّ.

قال الرَّاهِبُ: وسَأَلْتُ عن أَمْرِ هذا القَرْن، فذَكَرَ فَلاسِفَةُ الصِّين وعُلَمَاؤُها، أَنَّ الحَيَوان الذي هذا قَرْنُه إِذَا وَضَعَ الوَلَدَ حَصَلَ في قَرْنِه صُورَةُ أَي شيء نَظَرَ إِليه أَوَّلًا عند خُرُوجه من الرَّحِم. قال: وأَكْثَرُ ما يُصَابُ فيه الذُّبابُ والسَّمَكُ. قُلْتُ له: فيُقَال إِنَّه قَرْنُ الكَرْكَدَنٌ، فقال: ليس كما يُقَالُ، هو دَابَّةٌ من دَوَابٌ تِيك البلاد. قال: وقيل لي إنَّه دَابَّةٌ من بَلَدِ الهِنْد، وهذا هو الصَّحِيح. قال: وفي كلِّ مَدِينَةٍ من مُدُنِ الصِّين أَرْبَعَةُ أَمَرَاء، أحَدُهُم يُقالُ له لانْجُون، ومَعْنَاهُ "أمير الأمَرَاء". والآخر اسْمُهُ صُرَاصُبَة، ومَعْنَاهُ "رأس الجَيْش". وفي الموضع الذي فيه الصَّنَمُ الأَعْظَمُ، وهو صُورَة البَغْبُور بغْرَان وهي من ممَلْكَة أَرْضِ خَانْفُون. ومن مُدُنِ الصِّين جَنْجُون


(a) الأصل، الوقية.
(b) النسخ: أمنا.