ومن أَفَاضِلِ اليَهُود وعُلَمَائهم المُتَمَكِّنين من اللُّغَةِ العِبْرَانِيَّة، وتَزْعُمُ اليَهُودُ أَنَّها لم تَرَ مِثْله: الفَيُّومِيّ واسْمُهُ سَعِيد، ويُقالُ سَعْدِياه، وكان قَرِيبَ العَهْدِ، وقد أَدْرَكَهُ جَمَاعَةٌ في زَمَانِنا (١).
(١) سَعِيدُ بن يُوسُف المعروف بسَعْدِياه جَعُون الفَيُّومي، فَقِيهٌ مُتَكَلِّمٌ يهودي، وُلِدَ في دِلاص من إقليم الفَيُّوم بمصر الوسطى سنة ٢٦٩ هـ / ٨٨٢ م، وغَادَر مصر إلى فِلَسْطين ومنها إلى بَغْدَاد سنة ٣٠٩ هـ / ٩٢١ م. وكانت له قِصَصٌ بالعراق مع رأس الجالوت داود بن زَكّي من ولد داود واعتراضٌ عليه في خِلافَة المُقْتَدِر، وحَضَرَ في مجلس الوزير عليّ بن عيسى وغيره من الوزراء والقضاة وأهْل العلم. وتُوفِّي بعد الثلاثين والثلاث مائة / ٩٤١ م. ويُفضّل كثيرٌ من اليهود تَفْسِيره للتَّوْرَاة إلى العربية، الذي يُعَدُّ أَوَّلَ تفسير عربي (تَرْجَمَة) للتَّوْراة عن العِبْرِيَّة، ونُشِرَ لأوَّلِ مَرَّةٍ في القُسْطَنْطِينِيَّة سنة ٩٥٣ هـ / ١٥٤٦ م، ويُعَدُّ بذلك أَوَّلَ نَصٍّ عَرَبي يُطْبَع في الشَّرْق. [أمَّا التَّرْحِمةُ التي قام بها حُنَيْنُ بن إسْحَاق (فيما يلى ٢٨٩:٢) للعهد القَدِيم فهي تَرْجَمَةٌ للتَّوْرَاة السبعينية (أي الترجمة اليُونانية التي عُمِلَت لبَطْلَمْيُوس الأوَّل، واحْتَفَظَت بها الكنيسةُ المسيحية حتى الآن وقال عنها المَسْعُودي: "إنَّها أصَحّ نُسَخ التَّوْرَاة عند كثيرٍ من النَّاس" (التنبيه والإشراف ٩٨)]. وسَعْدِياه جَعُون الفَيُّومي أَحَدُ علماء اليهود القلائل الذين وَرَدَ لهم ذكرٌ في المصادر العربية (انظر المسعودي: التنبيه والإشراف ١١٣؛ وراجع عن حَيَاتِه ومُؤَلَّفاته: J. DERENBOURG، Les : œuvres complètes de Rev Saadia، ٥ volumes، Paris ١٨٩٣ - ٩٩; H. MALTER، Saadia Gaon، His Life and Works، Philadelphie ١٩٢١، New York ١٩٦٩، ID.، "Bibliographie des récits de R. Sa'diya Gaon" dans J. L. FISHMAN (éd.)، Rav Sa'dyah Gaon، Jerusalem ١٩٤٢، pp. ٥٧١ - ٦٤٣; R، - B. FENTON، El ٢ art. Sa'adya b. Yoséf VIII pp، ٦٨٠ - ٨١.، وانظر كذلك ما كتبه جواد علي في مقاله: "ما عرفه ابن النَّديم عن اليهودية والنصرانية"، مجلة المجمع العلمي العراقي ١٠ (١٩٦٢)، ١٥٦ - ١٨٣.