للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعَمِلَ "كِتَابَه" الذي لم يَسْبِقه إلى مِثْلِه أحَدٌ قَبْلَه ولم يَلْحَق به <مَنْ> (a) بَعْده (١).

قَرَأتُ بخَطِّ أبي العبَّاس ثَعْلَب: اجْتَمَعَ على صَنْعَةِ "كِتَابِ سِيبَوَيْه" اثْنَان وأرْبَعُون إِنْسَانًا منهم سِيبَوَيْه، والأُصُولُ والمَسَائِل للخَليل. وقد قَدِمَ سِيبَوَيْه أيَّامَ الرَّشِيد إلى العِرَاق وهو ابن اثْنَتَيْن وثَلاثِين سَنَةً، وتُوفِّي وله نَيِّفٌ وأرْبَعُون سَنَةً بفَارِس (٢).

وقال غَيْرُهُ: كان وُرُودُه العِرَاقَ قَاصِدًا يحيى بن خَالِد <البَرْمَكِيّ> (b)، فجَمَعَ بينه وبين الكِسَائِيّ والأخْفَش، فنَاظَرَاه وخَطَّآهُ في مَسَائِل سألاه عنها وحَاكَمَاه إلى فُصَحَاءِ الأعْرَاب وكانوا قد وَفَدوا على السُّلْطانِ، وهم: أبو فَقْعَس وأبو دِثَار وأبو الجَرَّاح وأبو ثَرْوَان، فكان الكِسَائِيُّ على الصَّوَاب. وكَلَّمَ الكِسَائِيُّ يحيى بن خَالِد فأجَازَه بعَشْرَة آلافِ دِرْهَم، فأخَذَه وعَادَ إلى البَصْرَة ومنها إلى فَارِس (٣)، وماتَ بها سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين ومائة (c).

ومن غير خَطِّ ثَعْلَب: كان المُبَرِّدُ إذا أرَادَ إنْسَانًا أنْ يَقْرَأ عليه "كِتَابَ سِيبَوَيْه" يَقولُ له: "هَلْ رَكِبْتَ البَحْرَ؟ "، تَعْظِيمًا له واسْتِصْعَابًا لما فيه (٤). وكان المازِنيُّ يَقُولُ: "مَنْ أرَادَ أنْ يَعْمَلَ كِتَابًا كَبِيرًا في النَّحْوِ بعد "كِتَابِ سِيبَوَيْه"، فلْيَسْتَحِ" (٥).


(a) إضافة عن السيرافي.
(b) إضافة من ياقوت.
(c) الأصل: ومائتين.