وتتَّفقُ هذه النُّقُولُ تمامًا مع ما وَرَدَ في نُسْخَة الأصْلِ المَنقُولَة من دُسْتُورِ المُؤلِّف. ووَاضِحٌ مما ذكرهُ ابن النَّجَّار أنَّ نُسْخَة دُسْتُورِ الكتاب التي كَتَبَها النَّديمُ بخَطِّه ظَلَّت في بَغدَاد حتى رآها ابن النَّجَّار ونَقَلَ منها قَبْلَ سَنَة ٦٤٣ هـ / ١٢٤٥ م، وكذلك اللُّغويُّ الكبيرُ الحَسَنُ بن محمد الصَّغَاني، المتوفَّى سنة ٦٥٠ هـ/ ١٢٥٢ م، حَيْثُ نَقَلَ عنه عبد القادر البغداديّ صَاحِب "خِزَانَة الأَدَب" قَوْلَهُ في كتاب "العُبَاب": "وقَرَأت في كتاب الفِهْرِست" لمحمَّد بن إسحاق النَّديم بخَطِّه (١). ثم فُقِدَت هذه النُّسْخَة بعد ذلك مع ما فُقِدَ من خَزَائِن كُتُبِ العِرَاق مع اجْتِياحِ المَغُول له وسُقُوطِ الخِلافَة العَبَّاسِيَّة سَنَة ٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨ م.
وابنُ النَّجَّار هو المُؤَلِّفُ الوَحِيدُ كذلك الذي تَرْجَمَ تَرْجَمَةٌ مهمَّةٌ للنَّديم ذَكَرَ فيها شُيُوخَه وأَشَارَ إلى مَذْهَبِه واعْتِقادِه، والأهم من ذلك إلى تأريخ وَفَاته، كانت مَصْدَرَ المَعْلُومَات التي نَقَلَها عنه كلٌّ من الصَّفَدِيّ والمَقريزيّ وابن حَجَرٍ العَسْقَلاني.
أَمَّا مُؤرِّخُ حَلَب كمال الدِّين بن العديم، المُتوفَّى سنة ٦٦٠ هـ/١٢٦٢ م، فكانت معه نُسْخَةٌ مَنْقُولَةٌ من خَطِّ المُؤَلِّف لا أَبْعِدُ أَنْ تكونَ هي نُسْخَة الأصل المُوَزَّعَة الآن بين مكتبتي شيستربيتي وشَهِيد علي باشا. وتَوَزَّعَت نُقُولُ ابن العَدِيم منها على أغْلَب مَقَالات الكتاب وهي تَتَّفِقُ مع مَا وَرَدَ فِي نُسْخَةِ الأصْل المَنْقُولَة من دُسْتُورِ المُؤَلِّف. وجَاءَت في خَمْسَة مَوَاضِع بالصِّيَغ التالية:
"نَقَلْتُ من كتاب "الفهرست" لمحمد بن إسحَاق النَّديم، من خَطِّ مُظَفِّر الفَارِقيّ، وذكر أنَّه نَقَلَهُ من خَطِّ محمد بن إسْحَاق النَّديم، قال: "[بغية الطلب ١١٧٦].
قَرَأْتُ في كِتَابِ "الفِهْرِست" تأليف أبي الفرج محمد بن إسْحَاق النَّدِيم بخَطِّ مُظَفَّر الفَارِقِيّ وذَكَرَ أَنَّه نَقَلَهُ من خَطِّ مُؤلِّفه أَبي الفَرَج" [بغية الطلب ٢٩٨٥].