للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهامة، أصْلَعَ الرَّأْس، يَلْبَسُ الثِّيابَ العَدَنِيَّة الجياد، ويُكْثِرُ حَلْقَ شَارِبه (a)، ولا يُغَيِّر شَيْبَه.

وكان يأتي المَسْجِدَ ويَشْهَدُ الصَّلاةَ، ويَعُودُ المَرْضَى، ويَقْضِي الحُقُوق (b). ثم تَرَكَ الجُلُوسَ في المَسْجِد، وكان يُصَلِّي في مَنْزِلِه (c)، وتَرَكَ اتِّباع الجَنَائِز فكان يُعاتب على ذلك، فكان يَقُولُ: "لَيْسَ يَقْدِرُ كُلُّ أَحَدٍ يَقُولُ عُذْرَهُ" (١).

وسُعِيَ به إلى جَعْفَر بن سُلَيْمان - وكان والى المَدِينَة - فقيل له إنَّه لا يَرَى أيمانَ بَيْعَتِكم، فدَعَا به وجَرَّدَه وضَرَبَه أَسْوَاطًا ومَدَّدُوه، فَانْخَلَعَ كَتِفُهُ (d) وارْتَكَب منه أمْرًا عَظِيمًا. فلم يَزَل بعد ذلك في عُلُوٍّ ورِفْعَة. وكأنَّما كانت تلك السِّيَاطُ حُليًّا عليه (e). وكان من عَبِيدِ الله الصَّالِحِين، فقية الحِجَاز وسَيِّدَها في وَقْتِه العَلَم.

وتُوفِّي سَنَة تِسْعٍ وسَبْعين ومائة وهو ابن خَمْسٍ وثَمانين سَنَةٌ، ودُفِنَ بالبَقِيع (٢).


(a) عند ابن قتيبة: ويكره حَلْق الشَّارب ويَعِيبُه ويَرَاه من المُثْلَة.
(b) بعد ذلك عند ابن قتيبة: ويجلس في المسجد ويجتمع إليه أصحابه.
(c) عند ابن قتيبة: وكان يُصَلِّي ثم يَنْصَرِف إلى منزله.
(d) عند ابن قتيبة: ومُدَّت يدُه حتى انْخَلَع كتِفُه.
(e) الأصْل: حلي عليه، وعند ابن قتيبة: حُليًّا حُلّي بها.