بينهما، فقالوا: المصدر مدلوله الحدث، واسم المصدر مدلوله اللفظ، وذلك اللفظ يدل على الحدث. وهذا الفرق يأتى نحوه فى الفعل؛ كـ "اسكت" مع اسم الفعل كـ "صه".
وخالف بعضهم فقال: إن اسم الفعل واسم المصدر كالفعل والمصدر فى الدلالة. والأول الصواب الموافق لمدلول اللفظ. هذا كله فيما يتعلق بالكلام من جهة اللغة، فتفطن له؛ فإنه مشتمل على أمور مهمة.
وأما حدُّه عند النحاة: ففيه عبارتان، أحسنهما أنه: قول دال على نسبة إسنادية مقصودة لذاتها. واحترز بالإسنادية عن النسبة التقييدية، كنسبة الإضافة نحو:"غلام زيد"، ونسبة النعت نحو:"جاء الرجل الخياط". واحترز بالمقصودة لذاتها عن الجمل التى تقع صلة، نحو:"خرج أبوه" من قولك: "جاء الذى خرج أبوه".
إذا علمت ما ذكرناه من تفصيل الكلام لغة واصطلاحًا، وعلمت أنه يطلق فى اللغه على الكلمة الواحدة مستعملة كانت أم لا، وأن أقل ما يمكن أن تكون الكلمة على حرفين، وأن انتقال الكلام والكلمة إلى ما ذكره النحاة عرف لهم حادث فى اللغة -فيتفرع عليه ما قاله أصحابنا من إبطال الصلاة بذلك "أى بحرفين"؛ لأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: "إن صلاتنا لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين" متناول له لغة كما تقدم، وعرفًا، فإن المغمى عليه ونحوه إذا نطق مثلا بقوله "اللَّه" ونحوه يقول الحاضرون قد تكلم، فتفطن لما ذكرته من المدارك، فإنه يشكل على كثير من الناس.
ويتفرع عليه أيضًا، ما إذا حلف لا يتكلم، فأتى بذلك. ولم أره لأصحابنا منقولًا.
مسألة: لا يشترط فى الكلام صدوره من ناطق واحد، ولا قصد المتكلم لكلامه، ولا إفادة المخاطب شيئًا يجهله، على الصحيح فى الثلاث، كما ذكره فى "الارتشاف".