فأما المسألة الأولى: فصورتها أن يتواطأ -مثلًا- شخصان على أن يقول أحدهما: زيد، ويقول الآخر: قائم.
ومن فروعها: ما إذا كان له وكيلان بإعتاق عبد أو وقفه أو غير ذلك، فاتفقا على أن يقول أحدهما -مثلا-: "هذا" ويقول الثانى: "حر". ولا أستحضر فيها الآن نقلًا.
ومنها: إذا قال: لى عليك ألف. فقال المدعى عليه: إلا عشرة، أو غير عشرة، ونحو ذلك. فهل يكون مقرًا بباقى الألف؟ فيه خلاف: قال فى "المعتمد" و"التتمة": المذهب أنه لا يكون مقرأ، ومدرك الخلاف ما ذكرناه، وعلله أيضًا فى "التتمة" بأنه لم يوجد منه إلا نفى بعض ما قاله خصمه، ونفى الشئ لا يدل على ثبوت غيره.
وأما المسألة الثانية: فحاصلها إدخال كلام الساهى، والنائم، والطيور، ونحو ذلك. وفائدتها من الفروع استحباب سجود التلاوة عند قراءة هؤلاء، إلا أن كلام أصحابنا مشعر بعدم الاستحباب فى الجميع.
ومن فوائده أيضًا: ما إذا حلف أنه لا يتكلم. وقد ذكره الرافعى فى أواخر تعليق الطلاق، فقال: إن هذى بكلمة نائمًا أو مغمى عليه -لم يحنث، وإن تكلم مجنونًا ففيه خلاف. والظاهر تخريجه على الجاهل ونحوه. وإن كان سكرانًا حنث، إلا إذا انتهى إلى السكر الطافح. هذا كلامه. والتفصيل بين الطافح وغيره طريقة للإمام الغزالى ارتضاها تارة وردها تارة أخرى.
وأما المسألة الثالثة: فينبنى عليها أيضًا ما إذا حلف لا يتكلم، فقال -مثلًا-: النار حارة، السماء فوق الأرض ونحو ذلك. ويؤيد عدم تسميته كلامًا عندنا، أنه إذا قال: واللَّه، لا أصعد السماء فإن يمينه لا ينعقد على الصحيح، كما قاله الرافعى فى كتاب الأيمان. وفائدته أن الحالف على ألا يحلف لا يحنث. وترجيحهم عدم الانعقاد مع تأكيد النسبة بالاسم المعظم - إلحاق للذى أتى به بعدم الكلام بالكلية.