أن الصحيح كما قاله فى "الارتشاف": إنه إطلاق مجازى، وليس من باب الاشتراك. إذا علمت ذلك:
فمن فروع المسألة: ما إذا حلف لا يكلمه فكاتبه أو أشار إليه. فإن فيه قولين مشهورين: أصحهما عدم الحنث لما ذكرناه.
ومنها: من له زوجتان، إذا قال: إحداهما طالق. وأشار إلى واحدة منهما - فإن الطلاق يقع عليها، كما ستعرفه بعد هذا فى أثناء كلام ننقله عن الرافعى.
ومنها: إذا كان قادرا على النطق فكتب (زوجتى فلانه طالق) ولم ينو - فالصحيح أن الطلاق لا يقع. فإن نوى، فوجوه: أصحها وقوعه. وثالثها يقع من الغائب دون الحاضر.
ويجرى ما ذكرناه جميعه فى البيع ونحوه.
واعلم أنّا حيث شرطنا النية ههنا، فالقياس اشتراطها فى جميع اللفظ الذى لابد منه لا فى لفظ الطلاق خاصة؛ لأنا إنما اشترطنا النية فيه لكونه غير ملفوظ به لا لانتفاء الصراحة فيه، وهذا المعنى موجود فى الجميع. وحينئذ فينوى الزوجة حين يكتب: زوجتى، والطلاق حين يكتب: طالق. فلو كان له زوجتان فإن عين واحدة بقلبه فلا كلام، وإن لما يعين نظر: إن ابتغى التعيين فى خطه أيضًا عين بعد ذلك ما أراد فيهما. وإن عين فى الخط فالقياس أنه لابد أن ينوى المعينة أيضًا عند كتابتها، وإن لم ينوها فلا أثر لتعيينها بالخط. نعم حكى الرافعى وجهين من غير ترجيح فيما لو كان له زوجتان، فقال: امرأتى طالق. وأشار إلى إحداهما، ثم قال: أردت الأخرى:
أحدهما: نقبل ذلك منه.
والثانى: لا، بل يطلقان جميعًا، فيتجه جريان الوجهين هنا؛ لأن التعيين بالخط لا يتقاعد عن الإشارة، وقد علم من كلام الرافعى هذا أن الإشارة إذا لم يغاير منها شئ يؤخذ بها، وهذا هو الكلام الذى سبق فى المثال السابق الوعد بذكره.