للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاجته إليه" واختلفوا فى الفرق بين السهو والنسيان. والمعتمد أنهما مترادفان. واتفق العلماء على أنه مسقط يلائم مطلقًا للحديث الحسن: "إن اللَّه -تعالى- وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (١). قال الأصوليون: إنه من باب ترك الحقيقة بدلالة محل الكلام؛ لأن عين الخطإ وأخويه غير مرفوع، فالمراد حكمها، وهو نوعان: أخروى وهو المآثم، ودنيوى وهو الفساد. والحكمان مختلفان، فصار الإثم -بعد كونه مجازًا- مشتركًا، فلا يعم. وأما عندنا، فلأن المشترك لا عموم له.

وأما عند الشافعى -رحمه اللَّه- فلأن المجاز لا عموم له. فإذا ثبت الأخروى إجماعًا لم يثبت الآخر. كذا فى التنفيح وتمامه فى شرحنا على "المنار".

وأما الحكم الدنيوى فإن وقع فى ترك مأمور، لم يسقط، بل يجب تداركه، ولا يحصل الثواب المترتب عليه أو فعل منهى عنه، فإن أوجب عقوبة كان شبهة فى إسقاطها، فمن نسى صلاة أو صومًا أو حجًا أو زكاة، أو كفارة أو نذرًا؛ وجب عليه قضاؤه بلا خلاف، وكذا لو توقف بغير عرفة غلطًا يجب القضاء اتفاقًا. ومنها من صلى بنجاسة مانعة ناسيًا، أو نسى ركنًا من أركان الصلاة، أو تيقن الخطأ فى الاجتهاد فى الماء والثوب وقت الصلاة والصوم، أو نسى مسه الصوم، أو تكلم فى الصلاة ناسيًا، ربما يسقط حكمه فى النسيان: لو أكل أو شرب ناسيًا فى الصوم، أو جامع؛ لم يبطل، ولو أكل ناسيًا فى الصلاة تبطل.

والناسى والعامد فى اليمين سواء، وكذا فى الطلاق لو قال: زوجتى طالق، ناسيًا إن كان له زوجة، وكذا فى العتاق، وكذا فى محظورات الإحرام. وقد جعل له أصلًا فى التحرير، فقال: إن كان معه مذكّر ولا داعية له فأكل المصلى لم يسقط لتقصيره، بخلاف سلامه فى القعدة أو لا معه مع داع -كأكل الصائم- سقط أولى، ولا فأولى: كترك الذابح التسمية.

ومن مسائل النسيان: لو نسى المديون الدين حتى مات، فإن كان ثمن مبيع أو قرض لم يؤاخذ به، وان كان غصبًا يؤاخذ به، كذا فى الخانية.


(١) الحديث أخرجه ابن ماجه فى سننه ١/ ٦٥٩ عن ابن عباس. وفى التعليق من الزوائد: إسناده يصح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>