للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن التمييز غير معتبر ولا يؤثر، بدليل أنه لو كان جنبًا فقط وظن أنه محدث فتيمم عن الحدث، أو كان محدثًا فظن أنه جنب فتيمم للجنابة - صحّ.

والثانى: أن الوضوء أيضًا تارة يكون عن البول، وتارة عن النوم، فإن قالوا: وإن اختلفت أسبابه فالواجب شئ واحد - قلنا: وكذا التيمم وإن اختلفت أسبابه الواجب مسح الوجه واليدين. فإن قيل: التيمم بدل، وشأن البدل أن يكون أضعف من المبدل فافتقر إلى نيه، ككنايات الطلاق - فالجواب: أن ما ذكروه منتقض بمسح الخف فإنه بدل ولا يفتقر عندهم إلى النية، وإنما افتقرت كناية الطلاق إلى النية؛ لأنها تحتمل الطلاق وغيره احتمالًا واحدًا، والصريح ظاهر فى الطلاق.

وأما الوضوء والتيمم فإنهما عبادة، بل التيمم أظهر فى إرادة القربة لا يكون عادة، بخلاف صورة الوضوء، فإذا افتقر التيمم المختص بالعبادة إلى النية فالوضوء المشترك بينهما وبين العادة أولى، فإن قيل: التيمم نص على القصد -وهو النية- بخلاف الوضوء فالجواب: أن المراد قصد الصعيد وذلك غير النية (١).

خامسًا: فى قياس: "الوضوء عبادة ذات أركان فوجبت فيها النية كالصلاة" أن العبادة هى الطاعة أو ما ورد التعبد به قربة إلى اللَّه تعالى، وهذا موجود فى الوضوء (٢).

ثم إن الأحاديث الكثيرة التى تدل على فضل الوضوء وسقوط الخطايا به مشهورة فى الصحيح، والتى جمعها النووى فى جامع النية. كل هذا مصرح بأن الوضوء عبادة، ولا حجة لمن ادعى أن ذلك خاص بمن فيه نية، ولا يلزم من ذلك أن ما لا نية فيه ليس بوضوء؛ لأن الوضوء فى هذه الأحاديث هو المراد بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقبل اللَّه صلاة بغير طهور" (٣).

هذا هو مذهب الفريقين وأدلتهم وتقريراتها.


(١) المرجع السابق: ٣١٤.
(٢) المرجع السابق.
(٣) المرجع السابق: ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>