للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالنية، فنفى أن يكون له عمل شرعى إلا بالنية. فمعنى الحديث: أن الأعمال لا أساس لها ولا تقويم ولا اعتبار ولا تحسب ولا يترتب عليها ثواب أو عقاب - إلا بالنية. وهذا أحسن ما قرر به الحديث، فوجب الحمل إليه. وهو يتناول جميع الأعمال لإفادة الألف واللام العموم (١). ويقوى ذلك آخر الحديث "وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا لم ينو الوضوء فلا يكون له (٢).

رابعًا: فى توجيه قياس: "أنها طهارة من حدث استباح بها الصلاة، فلم تصح بلا نية كالتيمم" قالوا: التعبير بالحدث احتراز عن غسل الذمية من الحيض (٣). فإن قالوا بأن التيمم لا يسمى طهارة -فالجواب أنه ثبت فى الصحيح قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جعلت لى الأرض مسجدًا وطهورًا" (٤). وفى رواية لمسلم "وتربتها طهورًا".

وثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصعيد الطيب وضوء المسلم" (٥). وما كان وضوءًا كان طهورًا، وحصلت به الطهارة.

فإن قيل: التيمم فرع للوضوء، ولا يجوز أن يؤخذ حكم الأصل من الفرع - فالجواب: أنه ليس مأخوذًا من الوضوء، بل بدل عنه، فلا يمنع أخذ حكم المبدل من حكم بدله. ولأنه إذا افتقر التيمم إلى النية مع أنه ضعيف -إذ هو فى بعض أعضاء الوضوء- فالوضوء أولى (٦).

فإن قيل: التيمم يكون تارة بسبب الحدث وتارة بسبب الجنابة، فوجبت فيه النية ليتميز - فالجواب من وجهين.


(١) النية فى الشريعة الإسلامية: ص ٩.
(٢) شرح المهذب: ١/ ٣١٣.
(٣) المرجع السابق.
(٤) وهو جزء من حديث رواه البخارى، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- وأوله: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلى: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لى الأرض مسجدًا وطهورًا" وانظر: البخارى ٣/ ٢١٤.
(٥) البخارى: ٣/ ٢٢ باب التيمم عن عمران بن حسين، كما خرجه النووى فى شرح المهذب: ١/ ٣١٣.
(٦) شرح المهذب: ١/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>