للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التيمم -دون الوضوء والغسل- بنص الآية؛ لأن آية التيمم ذكر فيها القصد، وهو النص على قصد التراب، وأن هذا القصد هو النية لا يقوى دليلًا لهم، وذلك لأن القصد فى الوضوء يؤخذ من نص الآية أيضًا، فإن الآية أمرت بالغسل، والغسل إذا أطلق كان المراد بالماء الطاهر، فحذف الماء لدلالة الغسل عليه، وهذا ما يدل عليه العرف واللغة، فإذا قلت "أغسل يداى دائمًا قبل الأكل وبعده" لا يفهم أى عاقل على أن ذلك يغير الماء فى العادة.

أما تخصيص الصعيد بالذكر فى الآية فليس ذلك؛ لأن المراد القصد فى التيمم دون الوضوء، وإنما ذلك لبيان ماهية التيمم وحقيقته، ولدرء السؤال الذى كان يرد على ذكر التيمم، نظرًا لأن التيمم هو القصد، وهو ماذا نتيمم به؟ فكان الجواب صعيدًا طيبًا. فأغنانا اللَّه عن مظنة السؤال وذكر لنا الجواب تخفيفًا، فضلًا منه ورحمة.

على أن المطلوب الفضل فى الموضعين وهو مأمور به فى كل منهما، فكان القصد واجبًا مطلوبًا لهم جميعًا، فلم التخصيص فى أحد الموضعين دون الآخر؟

على أن كثيرًا من أهل الرأى فى كتبهم يقررون فى أكثر من موضع بأن الوضوء عبادة وأن النية واجبة فيه، بل هى فرض، وكان البعض الآخر منهم يحاول أن يئول هذا التقرير حتى يخضعه لمذهبه، ويقول: يقصد أنها سنة، ومن ذلك:

١ - أن الوضوء لا يقع بلا نية إلا بالفعل مع الغفلة والذهول، إذ الفعل الاختيارى لا بد فى تحقيقه من القصد إليه. وهو إذا قصد الوضوء أو رفع الحدث أو استباحة ما لا يحل إلا به - كان منويًا (١).

٢ - أن الوضوء لا يقع عادة إلا بالنية، ولا كلام فى ذلك، وإنما الكلام فى أن استعمال الماء المطهر فى أعضاء الوضوء هل يوجد الطهارة بدون النية حتى يكون مفتاحا للصلاة، أو لا؟ (٢).

٣ - وصرحوا بأن الوضوء بدون النية ليس عبادة، وذلك كأن دخل الماء مدفوعًا أو


(١) فتح القدير: ١/ ٢١.
(٢) شرح العناية من المرجع السابق: ١/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>