ومبعثرًا فى مكتبات العالم. . حتى الكتاب الواحد قد وجدنا أجزاءه متفرقة فى هذه المكتبات".
فكان ولا بد من عمل يعيد إلى هذه الكتب وإلى الفقه الإسلامى، عصره الذهبى، ويقربه من ميدان البحث حتى يستقى الباحثون ويشفوا ظمأهم منه.
وحينما أتيحت لى الأسباب، قاسيت هذه التجربة بنفسى -تجربة البحث فى بحور الفقه الزاخرة، ومحيطاته الشاسعة- ولولا ما وجدت من كنوز نادرة وثمار يانعة، لأثنانى الجهد عن الغوص فيها، أو البحث عنها.
وفى هذا -ولا شك- تدريب على العمل الشاق الذى ينتظرنا جميعًا. . لخدمة العلم والدين، وتقديمه سهلًا يسيرًا فى ثوب يليق وسماحة الإسلام.
ويرجع ذلك إلى الزمن الذى هيأنى اللَّه فيه لتحمل عبء هذه التجربة الجديدة على كل باحث مثلى، والتى كان لا يقدر عليها إلا الأساتذة الكبار والعلماء الأجلاء الذين أمضوا حياتهم فى ميدان البحث والتقصى.
لقد تخرجت من كلية الشريعة والقانون فى سنة ١٣٨٥ هـ (١٩٦٥ م)، ثم حصلت على درجة التخصص (الماجستير) شعبة الفقه المقارن فى سنة ١٣٨٨ هـ (١٩٦٧ م). فكان ولا بد أن أهيئ نفسى لمرحلة ثالثة وأخيرة من مراحل التعليم المنتظم - ألا وهى مرحلة التخصص (الدكتوراه) فى الفقه المقارن، حيث هى الدراسة الميدانية والتطبيق العملى لجميع المراحل التى مرت قبلها.
ولقد أحسست فعلًا بمدى الصعوبات التى ستقابلنى، والجهد الذى يجب أن يبذل -من أولى وهلة- حينما فكرت فى السير على هذا الطريق.
وكانت أولى هذه الصعوبات هو اختيارى موضوع "البحث والدراسة"، وقضيت فى ذلك وقتًا ليس بالقصير فى تفكير عميق حول الموضوع الذى يمكن أن أقدم ثمرته لقارئه. . وطالت بى الحيرة، وظللت أكثر من عام أقرأ وأنقب عن الموضوع الذى يمكن أن أقدم فيه الجديد فى خدمة البحث والعلم. . وأخيرًا كان هناك أكثر من موضوع وقع عليه اختيارى. . وعرض على بساط البحث.