قلت: رواه أبو داود في الجهاد وفي الزكاة أيضًا قطعة منه، وفي الديات بعضه وابن ماجه في الديات مختصرًا. (١)
والحلف: بكسر الحاء المهملة وسكون اللام المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام في هذا الحديث، وما كان منه في الجاهلية على نصرة المظلوم، وصلة الأرحام كحلف المطيبين فذلك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "إيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"، يريد - صلى الله عليه وسلم - من المعاقدة على الخير ونصرة الحق، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر من المطيبين والأحلاف ست قبائل: عبد الدار، وجمح، ومخزوم، وعدي، وكعب، ومنهم سموا بذلك لأنه لما أرادت عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية، وأبت عبد الدار عقد كل قوم على أمرهم حلفًا مؤكدًا على أن لا يتخاذلوا فأخرجت بنو عبد مناف حفنة مملوءة طيبًا فوضعتها لأحلافها وهم: بنو أسد وزهرة وتيم في المسجد عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها، وتعاقدوا وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفًا آخر فسموا الأحلاف بذلك.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: المؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، تقدم الكلام عليه في كتاب القصاص، قوله: وترد سراياهم على قعيدتهم، السرايا: جمع السرية، وهي قطعة من العسكر بعدد لهم.
والقعيدة: الفئة المتأخرة عن السرية التي خرجت السرية منها، ومعناه أن أمير الجيش يبعث السرية، وهو خارج إلى بلاد العدو، فإذا غنموا شيئًا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردا لهم، قوله: لا جلب إلى آخره، تقدم في باب الزكاة.
- ويروى:"دية المعاهد نصف دية الحر".
قلت: هذا لفظ أبي داود وأخرج الثلاثة معناه كلهم من حديث عمرو بن شعيب عن
(١) أخرجه أبو داود (٤٥٨٣) (٤٥٣١) (١٥٩١)، وابن ماجه (٢٦٨٥) وإسناده حسن.