عن أيوب، أو عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة، فأي ذلك وجد علم أن له أصلًا يرجع إليه، فهذا النظر والتفتيش يسمى اعتبارًا.
وأما المتابعة: فأن يرويه عن أيوب غير حماد، أو عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة، فكل واحد من هذه الأقسام يسمى متابعة، وأعلاها الأولى، وهي متابعة حماد في الرواية عن أيوب ثم ما بعدها على الترتيب.
وأما الشاهد: فأن يروى حديث آخر بمعناه، ويسمى المتابعة شاهدًا ولا يسمى الشاهد متابعة، وإذا قالوا تفرد به أبو هريرة، أو ابن سيرين، أو أيوب، أو حماد، كان مشعرًا بانتفاء المتابعات كلها.
[الفصل الثالث: قال البغوي]
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، والصلاة التامة الدائمة على رسوله المجتبى، محمد سيد الورى، وعلى آله نجوم الهدى، أما بعد:
فهذه ألفاظ صدرت عن صدر النبوة، وسنن سارت عن معدن الرسالة، وأحاديث جاءت عن سيد المرسلين، وخاتم النبيين، هن مصابيح الدجى خرجت عن مشكاة التقوى، مما أوردها الأئمة في كتبهم. جمعتها للمنقطعين إلى العبادة، لتكون لهم بعد كتاب الله حظًّا من السنن، وعونًا على ما هم فيه من الطاعة، وتركت ذكر أسانيدها حذرًا من الإطالة عليهم، واعتمادًا على نقل الأئمة، وربما سميت في بعضها الصحابي الذي يرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعنى دعا إليه (١) وتجد أحاديث كل باب منها تنقسم إلى
(١) يقصد المؤلف بهذا الكلام: أن الحديث الواحد ربما روي عن جمع من الصحابة بطرق شتى وألفاظ مختلفة، يرويه كل واحد منهم على سياق آخر، فإذا حدث المحدث به وساقه على سياق واحد ذكر الصحابي الذي يرويه على ذلك السياق لتمييز حديث بعضهم عن البعض، وقد يروي أحد الصحابة حكمًا مطلقًا ويرويه الآخر مقيدًا فيذكر الراوي حينئذ رفعًا للخلاف ودفعًا للالتباس. وقد يسند =