الحمد لله كاشف مصابيح الهدى، وجاعلها نجاة لمن استضاء بها واهتدى، الذي هدى قلوب أوليائه باقتفاء آثار نبيه المصطفى، ورسوله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله أهل البر والوفاء، صلاة دائمة إلى يوم العرض والجزاء.
أما بعد: فإن أجمع المصنفات المختصرات في الأخبار النبوية، وأحسن المؤلفات الجامعة للآثار المحمدية، كتاب "المصابيح" جمع العلامة الإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي، شكر الله مسعاه، وجعل الجنة مثواه.
وهو الكتاب الذي عكف عليه المتعبدون واشتغل بتدريسه الأئمة المعتبرون وأقر بفضله وتقديمه الفقهاء المحدثون وقال بتمييزه الموافقون والمخالفون.
لكنه لطلب الاختصار لم يذكر كثيرًا من الصحابة رواة الآثار، ولا تعرض لتخريج تلك الأخبار، بل اصطلح على أن جعل الصحاح هو ما في الصحيحين أو أحدهما، والحسان ما ليس في واحد منهما.
والتزم أن ما كان من ضعيف نبّه عليه، وأن ما كان منكرًا أو موضوعًا لم يذكره ولا يشير إليه، فوقع له بعد ذلك أن ذكر أحاديث من الصحاح وليست في واحد من الصحيحين، وأحاديث من الحسان وهي في أحد الصحيحين وأدخل في الحسان أحاديث ولم ينبه عليها وهي ضعيفة واهية، وربما ذكر أحاديث موضوعة في غاية السقوط متناهية.
فجعلت موضوع كتابي هذا لتخريج أحاديثه ونسبة كل حديث إلى مخرجه من أصحاب الكتب الستة: صحيحي البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، إن كان فيها أو في شيء منها، وربما أضيف إليها غيرها،