٤٤٠٥ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها"، ثم يقول أبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية.
قلت: رواه البخاري في البيوع ومسلم في الإيمان والترمذي في الفتن إلى قوله: لا يقبله أحد، كلهم من حديث أبي هريرة. (١)
ويوشكن: بضم الياء وكسر الشين ومعناه ليقربن.
ومعنى: فيكم، في هذه الأمة، وحكمًا: أي حاكمًا بهذه الشريعة، لا ينزل برسالة مستقلة ناسخة الشريعة، بل حاكم من حكام هذه الأمة.
وكسر الصليب: هو كسره حقيقة فيبطل بذلك ما زعمته النصارى في الصليب، وكذلك قتل الخنزير، وفيه دليل على قتل الخنزير مطلقًا وإن لم يكن فيه ضراوة خلافًا لمن شذ من أصحابنا فخصص القتل بخنزير فيه ضراوة.
ومعنى: ويضع الجزية، الصواب أنه لا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، وقيل: يضربها على جميع الكفرة، والصواب الأول فيكون حكم الجزية في شرعنا غيّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نزول عيسى، فإذا نزل عيسى فلا قبول للجزية، والناسخ لحكمها هو محمد - صلى الله عليه وسلم - لا عيسى.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ويفيض المال، هو بفتح الياء، معناه يكثر وتنزل البركة، وتكثر الخيرات بسبب العدل، وعدم التظالم، قوله - صلى الله عليه وسلم -: حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها، يعني أن الناس تكثر رغبتهم في العبادة لقصر آمالهم، وعلمهم بقرب الساعة، والسجدة: هي السجدة بعينها أو هي عبارة عن الصلاة.