للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما قول أبي هريرة: واقرؤوا إن شئتم .... إلى آخره ففيه دليل: على أن مذهب أبي هريرة في الآية أن الضمير في "موته": يعود على عيسى عليه السلام، ومعناها: وما من أهل الكتاب أحد يكون في زمن عيسى إلا آمن بعيسى، وعلم أنه عبد الله، وابن أمته، وهذا مذهب جماعة من المفسرين، وذهب الأكثرون إلى أن الضمير يعود على الكتابي، ومعناه: وما من أهل الكتاب أحد يحضره الموت إلا آمن عند معاينة الموت، قبل خروج روحه بعيسى، وأنه عبد الله وابن أمته، ولكن لا ينفعه هذا الإيمان لأنه في حضرة الموت وحالة النزاع، وقيل: أن الهاء في "به" تعود على نبينا - صلى الله عليه وسلم - وفي "موته" يعود على الكتابي، قاله النووي في شرح مسلم (١).

٤٤٠٦ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله، لينزلن ابن مريم حكمًا عدلًا، فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، وليتركن القلاص فلا يسعى عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد".

قلت: رواه مسلم من حديث أبي هريرة في كتاب الإيمان ورواه البخاري (٢) ولم يذكر: القلاص إلى قوله والتحاسد.

والقلاص: بكسر القاف جمع قلوص وهي الناقة الشابة، وقيل لا تزال قلوصًا حتى تصير بازلًا، ومعنى: ولا يسعى عليها أي يُزهد فيها ولا يُرغب في اقتنائها لكثرة الأموال، وقلة الآمال، وإنما ذكرت القلاص لكونها أشرف الإبل التي هي أشرف أموالهم وهي شبيه بقوله تعالى: {وإذا العشار عطلت} وقال القاضي (٣): معنى لا يسعى عليها، لا تطلب زكاتها، إذ لا يوجد من يقبلها، قال النووي: وهذا تأويل باطل (٤).


(١) انظر: المنهاج للنووي (٢/ ٢٤٩ - ٢٥٢)، وإكمال المعلم (١/ ٤٧٠ - ٤٧٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥).
(٣) انظر: إكمال المعلم (١/ ٤٧٢).
(٤) انظر: المنهاج للنووي (٢/ ٢٥٣).