رسول الله طهرني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مم أطهرك؟ " قال: من الزنا، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبه جنون؟ "، فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال:"أشرب خمرًا"، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، فقال:"أزنيت؟ "، قال: نعم، فأمر به فرجم، فلبثوا يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"استغفروا لماعز بن مالك، لقد تاب توبة لو قُسمت بين أمة محمَّد لوسعتهم"، ثم جاءت امرأة من غامد -من الأزد-، فقالت: يا رسول الله طهرني، قال:"ويحك، ارجعي واستغفري الله وتوبي إليه"، فقالت: تريد أن تردّدني كما ردّدت ماعز ابن مالك؟، إنها حبلى من الزنا، فقال:"أنت؟ "، قالت: نعم، قال لها:"حتى تضعي ما في بطنك"، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد وضعت الغامدية، فقال:"إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من ترضعه"، فقام رجل من الأنصار، فقال: إليّ رضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها.
قلت: رواه مسلم في الحدود من حديث بريدة بن الحصيب ولم يخرجه البخاري. (١)
قوله - صلى الله عليه وسلم - أشرب خمرًا، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر": مذهبنا الصحيح المشهور صحة إقرار السكران، ونفوذ إقراره فيما له وعليه، فالسؤال عن شربه الخمر محمول عندنا على أنه لو كان سكران لم يقم عليه الحد.
ومعنى استنكهه: أي شم رائحة فيه، واحتج به المالكية لمذهبهم أنه يحد من وجد منه ريح الخمر، وإن لم تقم عليه بينة بشربها, ولا أقر به، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما أنه لا يحد بمجرد ريحها بل لا بد من بينة على شربها أو إقرار.
قوله: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة محمَّد لوسعتهم، فيه أن توبة الزاني لا تسقط عنه حد الزنا، وهذا حكم السرقة والشرب وهو أصح القولين في مذهبنا ومذهب مالك.