رجل قريب من الشجرة، وبين يديه نار يوقدها، فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا وسط الشجرة، لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشبان ونساء وصبيان، ثمَّ أخرجاني منها، فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا هي أفضل وأحسن، فيها شيوخ وشبان، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني الليلة، فأخبراني عما رأيت؟ قالا: نعم، أما الرجل الذي رأيته يشق شدقه، فكذّاب يحدث بالكذبة، فتُحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيُصنع به ما ترى إلى يوم القيامة، والذي رأيته يُشدخ رأسه، فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل بما فيه بالنهار، يُفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة، والذي رأيته في النقب فهم الزناة، والذي رأيته في النهر، آكل الربا، والشيخ الذي رأيته في أصل الشجرة، إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله، فأولاد الناس، والذي يوقد النار، مالك خازن النار، والدار الأولى التي دخلت، دار عامةِ المؤمنين، وأما هذه الدار، فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب -وفي رواية: مثل الربابة البيضاء-، قالا: ذاك منزلك، قلت: دعاني أدخل منزلي، قالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله فإذا استكملته أتيت منزلك".
قلت: رواه البخاري بطوله في كتاب الجنائز وله لفظ آخر ذكره في كتاب القدر، ولم يخرج منه مسلم إلا قوله: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإذا صلى الصبح أقبل علينا بوجهه فقال: "هل رأى منكم أحد البارحة رؤيا"، لم يزد مسلم على هذا وزاد البخاري باقي الحديث بطوله. (١)