للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد جاء في بعض الأحاديث الأمر بالرقية والكي، وفي بعضهما النهي عن ذلك فمن الجواب: قوله - صلى الله عليه وسلم - استرقوا لها فإن بها النظرة، وأخذ بعض الصحابة على الرقية أجرًا وكوى - صلى الله عليه وسلم - سعدًا بيده.

ومن النهي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الرقى والتمائم والتولة شرك، وقد تقدم في باب الطب والرقى من ذلك ما يغني عن إعادته.

وهذا الحديث أيضًا يدل على الحث على ترك ذلك، فأجاب عن ذلك الخطابي وغيره: أن ترك ذلك والتوكل على الله من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا، لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجة الخواص لا يبلغها غيرهم، وقد رخص الشرع لهم في التداوي والمعالجة، ومن صبر على البلاء وانتظر الفرج من الله بالدعاء كان من جملة الخواص، ومن لم يصبر رخص له في الرقية والعلاج.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: وعلى ربهم يتوكلون، اختلف علماء السلف والخلف في حقيقة التوكل فحكي عن عامة الفقهاء والمحققين من الصوفية وأصحاب القلوب أن حدّه: الثقة بالله تعالى والإيقان بأن قضاءه نافذ واتباع سنة نبيه في السعي فيما لا بد منه من السعي في المطعم والمشرب، والتحرز من العدو كما فعله الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لكن لا يصح عند محققي الصوفية التوكل مع الالتفات والطمأنينة إلى الأسباب بل فعل الأسباب سنة الله وحكمته، والثقة بأنها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًّا، والكل من الله وحده، وذهب بعض الصوفية إلى أنه لا يستحق اسم التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله تعالى من سبع أو عدو، حتى يترك السعي في طلب الرزق ثقة بضمان الله تعالى له برزقه.

قوله: فقام عكاشة بن محصن، هو بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفها, لغتان مشهورتان، ذكرهما الجوهري (١) وأما محصن فبكسر الميم وفتح الصاد المهملة.


(١) انظر: الصحاح للجوهري (٣/ ١٠١٢).