(٢) هذا كله كلام النووي في المنهاج (١٧/ ١٨٩)، لقد وصف الله تعالى نفسه بأكمل وأجمل الأوصاف، كما يليق بجلاله وعظمته في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وعقيدة السلف الذين كانوا أعلم الأمة وأعرفها بالله رب العالمين: الإيمان بجميع ذلك على وجه الإجمال فيما جاء مجملًا، وعلى وجه التفصيل فيما جاء مفصلًا، من غير زيادة ولا نقصان، من غير صرف له إلى معنى آخر غير الظاهر من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف، وأن السلف كانوا يعلمون معاني الصفات، ويفرّقون بينها، بحسب ما دلّت عليه مما تعرفه العرب في لسانها، فالعلم غير الحياة، والإتيان غير الإستواء على العرش، واليد غير الوجه، وهكذا سائر الصفات، فكيفية الصفات مجهولة للعباد، ومعاني الصفات معلومة من لسان العرب ولغتها، والإيمان بالصفة كما أخبر الله بها واجب، وفي هذا الحديث إثبات اليد والأصابع لله حقيقة, وإن تأويلها بالنعمة أو القدرة ونحوها باطل. ومن تأمل جواب الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - لمن سأله عن كيفية الإستواء على العرش، فقال: "الكيف غير معلوم، والإستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"، تبينت له حقيقة ما ذكرت. إن الله خاطبنا بلسان عربي مبين وبما نفهمه ونعقل معناه. والأصل في الكلام أن يجرى على ظاهره، فنحن نعلم معاني صفات الرب سبحانه، ولا نعلم كيفيتها ونقطع بأنها لا تماثل صفات المخلوقين، ولم يزل الأئمة يذكرون كلمة الإمام مالك هذه قاعدة، لأهل السنة في سائر صفات الباري تعالى. والله أعلم.