وقال العلامة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- متعقبًا على هذا الكلام: فكلام أحمد وأبي داود والدارقطني يدل على أن العلة أن ثورًا لم يسمعه من رجاء، وهو ينافي ما نقله الترمذي هنا عن البخاري وأبي زرعة أن العلة أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة، وأنا أظن أن الترمذي نسي فأخطأ فيما نقله عن البخاري وأبي زرعة، وهذه العلة التي أعل بها الحديث ليست عندي بشيء. واستدل على ذلك بأن الوليد بن مسلم كان ثقة حافظًا متقنًا، فإن خالفه ابن المبارك في هذه الرواية فإنما زاد أحدهما على الآخر وزيادة الثقة مقبولة، وبأن الدارقطني والبيهقي روياه من طريق داود بن رشيد -وهو ثقه- عن الوليد، عن ثور: حدثنا رجاء بن حيوة، فثور صَرّح بالسماع من رجاء، وبأن الشافعي رواه عن إبراهيم بن يحيى عن ثور كرواية الوليد عن ثور. وهذا الكلام يمكن أن يرد بالآتي:
١ - أن جهابذة أهل الحديث -أبو زرعة والبخاري وأحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي- قد حكموا بانقطاعه وإرساله معًا، ولا أدري كيف فهم الشيخ كلامهم على غير هذا، فحينما قال ابن المبارك (حُدثت عن كاتب المغيرة مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه المغيرة). هو حكم واضح بانقطاعه وإرساله.
٢ - أن ابن المبارك أعلى وأحفظ من الوليد بن مسلم، والوليد فيه كلام معروف في تدليسه وتساهله، فلا يمكن أن يتعادلا إذا اختلفا.
٣ - أن رواية إبراهيم بن يحيى للحديث عن ثور كرواية الوليد شبه لا شيء لما هو معروف من شدة ضعف إبراهيم واتفاق أهل العلم على طرح حديثه وأن توثيق الشافعي له شذوذ منه رحمه الله لم يوافقه عليه أحد من الكبار. انظر التلخيص الحبير (١/ ٢٨٠ - ٢٨٣) وضعيف أبي داود ح (٣٠/ ١٦٥).