يعطي قريشًا ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم؟، فحُدّث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار، فجمعهم في قبة من أدم، ولم يَدْع معهم أحدًا غيرهم، [فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-]، فقال:"ما حديث بلغني عنكم؟ "، فقال له فقهاؤهم: أمّا ذَوُو رأينا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، قالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطي قريشًا ويدع الأنصار، وسيوفنا تقطر من دمائهم؟، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر، أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ " قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا.
وقال:"لولا الهجرة، لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا أو شعبًا، وسلكت الأنصار واديًا أو شعبًا، لسلكت واديَ الأنصار وشعبها، الأنصار شعار، والناس دثار، إنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
قلت: رواه البخاري في الخمس واللباس من حديث شعيب عن الزهري عن أنس، ومسلم في الزكاة (١) فيما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام ويصبر من قوي إيمانه، من حديث يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس.
والشعار: الثوب الذي يلي الجسد، والدثار: فوقه، ومعنى الحديث: الأنصار هم البطانة والأصفياء.
والأثرة: بفتح الهمزة والثاء المثلثة الاسم من آثر يؤثر إيثارًا إذا أعطى أراد -صلى الله عليه وسلم- أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء.
٥٠٢٥ - قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح فقال:"من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن، ومن ألقى السلاح، فهو آمن"، فقالت الأنصار: أما الرجل، فقد أخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قريته، ونزل الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "قلتم: أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قريته، كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله
(١) أخرجه البخاري في فرض الخمس (٣١٤٧)، وفي المغازي (٤٣٣٠)، ومسلم (١٠٥٩).