أما بعد: فإن الفقير إلى عفو الله الحليم الكريم، وقف على هذا السؤال، وتصدَّى للجواب عمَّا تضمنته دعوى الحافظ سراج الدين القزويني تغمَّده الله برحمته، من أن الأحاديث المذكورة موضوعة، ولو نقل لنا السائل لفظه لكان أولى، ولكن أقول بعون الله تعالى:
إن أكثر هذه الأحاديث لا يطلق عليه وصف الوضع، لعدم وجود شرط الحكم على الحديث بكونه موضوعًا.
وها أنا ذا أوضح ذلك مفصلًا، بعد أن أذكر كلام أئمة الحديث في الموضوع، وبيان العلامة التي إذا وجدت جاز الحكم عليه بالوضع.
قرىء على المسند الكبير أبي الحسن علي بن محمد بن أبي المجد بقراءة شيخ النحاة الإمام محب الدين بن هشام، وأنا أسمع عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن المهتار قال: أخبرنا العلامة أبو عمرو تقي الدين عبد الرحمن الشهرزوري الشهير بابن الصلاح في كتابه "علوم الحديث" قال:
ويعرف الوضع بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة الإقرار، وبركاكة لفظه ومعناه.
وزاد غيره: بأن ينفرد به راوٍ كذاب عندهم، ولا يوجد ذلك الحديث عند غيره.
وأن يكون منافيًا لما ثبت في دين الإسلام بالضرورة، فينفيه ذلك الخبر وهو ثابت، أو يثبته وهو ينفي.