للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصدق في نيته، وأعظم لأجره، بخلاف من أشرف على الموت، وآيس من الحياة، ورأى مصير المال لغيره، فإن صدقته حينئذ ناقصة بالنسبة إلى حالة الصحة والشح ورجاء البقاء وخوف الفقر، وتأمل الغنى: بضم الميم أي تطمع به، ومعنى بلغت الحلقوم: أي قاربت الروح بلوغ الحلقوم، إذ لو بلغته حقيقة لم يصح وصية ولا صدقة، ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء.

قوله - صلى الله عليه وسلم - لفلان كذا، ولفلان كذا، الأوقد كان لفلان، قال الخطابي: المراد به الوارث وقال غيره المراد به: سبق القضاء به للموصى له، ويحتمل أن يكون المعنى أنه قد خرج عن تصرفه، وكمال ملكه، واستقلاله بما شاء من التصرف، فليس له في وصيته كبير ثواب بالنسبة إلى صدقة الصحيح الشحيح، والله أعلم.

١٣٣٥ - انتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال: "هم الأخسرون ورب الكعبة" فقلت: فداك أبي وأمي من هم؟ قال: "الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا وهكذا: من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، وقليل ما هم".

قلت: رواه البخاري في الزكاة وفي النذور ومسلم والترمذي والنسائي ثلاثتهم في الزكاة من حديث أبي ذر. (١)

وفيه الحث على الصدقة في وجوه الخير، وأنه لا يقتصر على نوع من وجوه البر، بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير ممكنة. وفيه جواز الحلف من غير تحليف وقد كثر ذلك في الأحاديث الصحيحة فهو مستحب إذا كانت المصلحة فيه، كتوكيد أمر مهم ودفع توهم المجاز، وإنما خص الجهات الأربع ولم يذكر فوقه وتحته موافقة لقوله تعالى حكاية عن إبليس: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} الأعراف: ١٧.


(١) أخرجه البخاري (٦٦٣٨)، ومسلم (٩٩٠)، والترمذي (٦١٧)، والنسائي (٥/ ١٠).