ومن أبرزها كتاب "كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح" للحافظ الصدر محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم السلمي المناوي (ت ٨٠٣هـ) -شيخ الحافظ ابن حجر- رحمهما الله.
وقد حاول المؤلف -رحمه الله- أن يُسهم في خدمة هذا الكتاب النفيس، ويقدم شيئًا يتميز به عمله، فخدم الكتاب خدمة جُلَّى تمثلت في تخريج أحاديثه وعزوها إلى الكتب التي خرجتها، فاستوعب ذلك كله، فعزى كل حديث إلى من أخرجه، ولم يكتف بالعزو بل حدد المكان الذي ذكره مخرِّجه فيه وعدّد أماكن تخريجه في الكتاب إن ذكر في أكثر من مكان، وقد بذل الجهد في تحديد لفظ الروايات، وحدد من روى المتن كله أو بعضه أو زاد فيه أو نقص محددا ذلك بدقة، وينقل الحكم على الحديث إن كان هناك حكم، ويتعقب ذلك إن كان الحكم يحتاج إلى إيضاح أو استدراك أو تعليق، وإن كان في سند الرواية كلام في أحد رواته ذكر ذلك، وقد يشير إلى علة الحديث إن كان فيه علة، ويبين تلك العلة باختصار، ويحكم على الرواة جرحا وتعديلا، ولم يقتصر كلامه على الأسانيد والحكم على الحديث، بل حاول جاهدا أن يشرح بعض الأحاديث مهتما بشرح الألفاظ وتبيين معاني بعض العبارات، وكثيرًا ما يهتم بتوضيح العبارات المغلقة فيوضحها، وينقل عن الأئمة ما يراه ملائما لذلك، ويزيد بعض النقول شرحا إن رأى أن ما نقله يحتاج إلى شرح.
وإذا مرت عبارات يفيد ظاهرها التعارض، حاول الجمع والتوفيق أو الترجيح والبيان، كل ذلك بأسلوب متين دقة واختصار، وقد يبين أوهاما وقعت لبعض العلماء، ويتبع ذلك كله بفوائد ومسائل مهمة.
ولما لهذا كله من الأهمية والفائدة رأيت خدمةَ هذا الكتاب وتقديمَه للطبع، فهو لم يُطبع قبل ذلك.
وقد بذلت جهدا كبيرا في طباعته وإِخراجه على الشكل الذي أرجو أن يحوز رضى القاريء، وقد وضحت تفصيل عملي هذا فيما سيأتي مفصلًا.