للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٥٩٨ - كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثمَّ دخل آخر، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ثمَّ دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فقرأ، فحسّن شأنهما، فسُقط في نفسي من التكذيب -ولا إذ كنت في الجاهلية- فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قد غشيني، ضرب في صدري، ففضت عرقًا، وكأنما أنظر إلى الله فرقًا، فقال لي: "يا أبيّ: أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هوّن على أمتي، فرد إليّ الثانية: اقرأهُ على حرف فرددت إليه أن هوّن على أمتي، فرد إلي الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: "اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخّرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم، حتى إبراهيم عليه السلام".

قلت: رواه مسلم وأبو داود والنسائيُّ كلهم في الصلاة من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب. ولم يخرجه البخاري. (١) قوله: "فسقط في نفسي من التكذيب، ولا إذا كنت في الجاهلية" قال بعضهم: معناه وسوس إلى الشيطان تكذيب النبوة أشد ما كنت في الجاهلية؛ لأنه كان في الجاهلية عاقلًا أو شاكًّا، فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب، قال القاضي عياض: (٢) معنى قوله: سقط في نفسي أنَّه اعترته حيرة ودهشة، قال: قوله: ولا إذ كنت في الجاهلية، إن الشيطان نزغ في صدري تكذيبًا لم يعتقده، وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها لم يؤاخذ بها، قال المازري (٣): معنى هذا أنَّه وقع في نفس أبي بن كعب نزعة من الشيطان غير مستقرة، ثمَّ زالت في الحال حين ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- في صدره، ففاض عرقًا.


(١) أخرجه مسلم (٨٢٠)، وأبو داود (١٤٧٧)، والنسائيُّ (٢/ ١٥٤).
(٢) إكمال المعلم (٣/ ١٩٣).
(٣) المعلم بفوائد مسلم للمازري (١/ ٣٠٩).