للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القاضي عياض (١): ذكر الله تعالى ضربان: ذكر بالقلب وذكر باللسان، وذكر اللسان نوعان: أحدهما: وهو أرفع الأذكار وأجلها التفكر في عظمة الله تعالى وجلاله، وجبروته، وملكوته، وآياته في سمائه، وأرضه، والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر والنهي، فيمتثل ما أمر به وينتهي عما نهي عنه، ويقف عما أشكل عليه، وأما ذكر اللسان مجردًا فهو أضعف الأذكار، ولكن فيه فضل عظيم، كما جاءت به الأحاديث وذكر ابن جرير الطبري وغيره اختلاف السلف في: ذكر القلب واللسان أيهما أفضل، قال القاضي: والخلاف عندي إنما يتصور في مجرد ذكر القلب تسبيحًا وتهليلًا وشبههما، وعليه يدلّ كلامهم، لا أنهم يختلفون في الذكر الخفي الذي ذكرنا أولًا، فذلك لا يقاربه ذكر اللسان فكيف يفاضله، وإنما الخلاف في ذكر القلب بالتسبيح المجرد ونحوه. والمراد بذكر اللسان مع حضور القلب فإن كان لاهيًا فلا واحتج من رجح ذكر القلب بأن عمل السر أفضل ومن رجح ذكر اللسان قال: لأنَّ العمل فيه أكثر؛ لأنه زاد باستعمال اللسان فاقتضى زيادة أخرى.

قال: واختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب؟ فقيل: تكتبه ويجعل الله تعالى لهم علامة يعرفونه بها، وقيل: لا يكتبونه لأنه لا يطلع عليه غير الله تعالى، والمختار أنهم يكتبونه وأن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من ذكر القلب وحده.

١٦٣٥ - انطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: نافق حنظلة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وما ذاك؟ " قلت: نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات".


(١) إكمال المعلم (٨/ ١٨٩).