قلت: رواه الشيخان: البخاري في مواضع منها: في التفسير وفي بدء الخلق وفي العلم وفي الحج وفي بعضها اخصار، ومسلم في الديات، والنسائيُّ في الحج من حديث أبي بكرة واسمه نفيع. (١)
قوله - صلى الله عليه وسلم -: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، قال جمهور العلماء: معناه أنهم في الجاهلية كانوا يتمسكون بملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تحريم القتال ثلاثة أشهر متوالية، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخّروا المحرم إلى الشهر الذي بعده، وهو صفر، ثمَّ يؤخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر وهكذا، يفعلون في سنة بعد سنة، حتى اختلط عليهم الأمر، فصادف حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- تحريمهم المطابق للشرع، وكانوا في تلك السنة قد حرموا ذا الحجة، لموافقة الحساب الذي ذكرناه، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - الاستدارات صادفت ما حكم الله به يوم خلق السموات والأرض.
وقال أبو عبيد: كانوا ينسؤن أي يؤخرون وهو الذي قال الله فيه: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}، فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم، فيؤخرون تحريمه إلى صفر، ثمَّ يؤخرون صفر في سنة أخرى، فصادف في تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه، وأما ذو القعدة: فبفتح القاف، وذو الحجة: بكسر الحاء، على المشهور، ويجوز في لغة قليلة كسر القاف، وفتح الحاء.
واختلفوا في الإذن المستحب في كيفية عد الأشهر الحرم، فقالت طائفة: تعد من سنة واحدة، فيقال: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة، وقال جماهير العلماء: هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ثلاثة سرد، وواحد فرد، لهذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة.
(١) أخرجه البخاري في التفسير (٤٤٠٦)، وبدء الخلق (٣١٩٧)، والعلم (١٠٥)، والحج (١٧٤١)، ومسلم (١٦٧٩)، والنسائيُّ في الكبرى (٤٠٩١) (٤٠٩٢).